تأتي للأطباء استفسارات كثيرة وخصوصاً أطباء الجلدية حول علاج شعبي معين أو أن طبيبا في بلد آخر يملك علاجاً لأمراض جلدية أو أخرى مثل السرطان -وقانا الله وإياكم شره.
ويستشهد أصحاب هذه الاستفسارات بأشخاص استخدموا هذه الأدوية واستفادوا كثيراً، اضافة إلى ذلك يقولون ان الطبيب الفلاني ظهر على شاشة التلفزيون أو على صفحات إحدى الجرائد أو المجلات وبيده العلاج الشافي وهو سر لا يبوح به لأحد.
والحقيقة برأينا كأطباء ان اكثر هذه الأمور غير واقعية وفيها الكثير من المغالطة ان لم يكن الدجل، وقد أرسى الطب الحديث والذي أثبت جدواه وفاعليته أسسا واضحة لقبول أي علاج أو مبادئ علاجية جديدة بشكل يضمن فاعليتها وعدم حصول مضاعفات أو معرفة هذه المضاعفات والتحكم فيها إن حصلت.
ومن المعروف ان لا تقبل المبادئ العلاجية الجديدة إلا إذا مرت بسلسلة من الاجراءات لاثباتها ومنها العمل داخل المختبرات ومن ثم التجارب على الحيوان لتخضع بعدها لتجارب على أشخاص متبرعين ثم تنشر المعلومات في المجلات العلمية وتعرض على المؤتمرات الطبية مع توثيق كامل ودقيق لكافة الطرق والوسائل المستخدمة بحيث يمكن التثبت منها وإعادة هذه التجارب للتأكد من الحصول على نفس النتائج في الظروف المشابهة ومعرفة سلبياتها ومضاعفاتها وتحدي النتائج السابقة وبناء عليه فلا يمكن إلا في حالات نادرة جداً إجازة أدوية أو علاجات لم تثبت فاعليتها.
والأمر ليس كذلك مع العلاجات الشعبية أو ادعاءات بعض الأشخاص حول فعالية أدويتهم السرية فهل يعرف أحد بطريقة علمية مضاعفات الأدوية وسلبياتها وفي المقام الأول منافعها، إن تحسن شخص او اثنين او خمسة من جراء استخدام هذه العلاجات لا يمكن ان يكون إثباتا على فاعليتها لأن التجارب العلمية يجب أن تجرى على اعداد مقبولة احصائياً وتقارن بمجموعات لديها نفس المرض ولم تستخدم هذه العلاجات ومن ثم عمل التحليل الاحصائي الذي يثبت فعالية دواء ما من عدمه.
إضافة إلى ذلك يجب أن تنظر اللجان العلمية في دقة كل تجربة علمية ووسائلها وحقائقها قبل اجازتها ولدى ارسالها للنشر تخضع أيضا للتمحيص من قبل اعضاء اللجان العلمية التابعة لوسيلة النشر وهذا ما لا يحصل أبداً مع الأطباء الشعبيين وأولئك الذين يعتبرون علاجهم سراً من الأسرار الكبرى ولا أسرار في الطب.
ونحن نرى بشكل شبه يومي ضحايا هؤلاء الأشخاص من الذين لا ترد أية معلومات عنهم بعد استخدامهم هذه العلاجات وخصوصاً في مجال الأمراض الجلدية التي يكثر فيها استخدام المراهم والخلطات والتركيبات التي لا يعرف عنها شيء وليس من مرجعية لها لمعرفة أسرارها او محاسبة المروجين لها.
ومن هنا تأتي ضرورة انشاء قاعدة معلومات مركزية للأخطاء الطبية التي توثق هذه الحالات وغيرها وسيكون لنا وقفة مع هذه الدعوة بالتفصيل في إضاءة مقبلة بإذن الله.
(*) استشاري الأمراض الجلدية وجراحة الجلد والليزر |