Sunday 29th February,200411476العددالأحد 9 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

إن كنتم للرؤيا تعبرون!! إن كنتم للرؤيا تعبرون!!

في يوم الجمعة - المبارك - وفي تاريخ 29-12- 1424هـ، حملت لنا صفحة شواطئ بواسطة أحد كتابها موضوعا عن (الرؤيا) كان قليل الكم لكنه عظيم الفائدة، حينها أحببت أن أساند الكاتب وأدلي بدلوي وبالله التوفيق.
الرؤيا..ما أدراك ما الرؤيا..الرؤيا عالم مليء بالاخبار،وعالم سافر إليه الصغير والكبير، وحل ضيفا وطيفا يزوره كل ليلة في منامه، فهو إما أنه ضيف (ثقيل) يكدر صفو نومه، وإما أنه ضيف يحمل البشرى.. ويصطحب معه الجمال..
الرؤيا حقيقة ثابتة تكلم عنها ربنا الكريم في كتابه العظيم، وأحس بعظمتها الرسل الكرام الأجلاء، فهذا يعقوب عليه السلام يقول لابنه يوسف {لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ}، وهذا خليلنا إبراهيم عليه السلام يقول لابنه إسماعيل: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}، بل إن رسولنا عليه السلام تحدث عنها في سنته المطهرة، فلقد بين أن الرؤيا جزء من ست وأربعين جزءا من النبوة، وكان أول علامة من علامات نبوته الرؤيا الصالحة، ولقد كان عليه الصلاة والسلام يجلس لأصحابه بعد إحدى الصلوات يفسر لهم ما رأوه في منامهم، وما شاهدوه في أحلامهم، وهذا بحد ذاته كافٍ على أن الرؤيا وتفسيرها حق، ونحن هنا نقف وسطا بين أناس أفرطوا وفرطوا، بين أناس لا يأكلون ولا يشربون حتى تعبر رؤاهم، وبين آخرين يسخرون ويلمزون كل من يبحث تأويلا لرؤياه، وفكا لرموز حلمه.. نحن نشجب بحق من أزعجونا بتفسيراتهم في شاشات الفضاء، بل وحتى في خدمة السبعمائة!! بل والحق أقول: إن الصغير والكبير بدأ (شيخا) معبرا، عفوا بل (مخرصا)، والناس ويا عجب من الناس!! يصدقون أقواله، ويهيمون بما يمليه لسانه حتى ظن من نفسه أنه هكذا!! فأغلق جهازه المحمول زاعماً أن الناس أنهكوه اتصالا، وأتعبوه أسئلة؟ والجميع - إلا من رحم الله - لا يعلمون بأن الرائي، والمفسر، لا بد وأن يتوفر لكل منها شروطه التي تحتم عليه السؤال وتحتم على الآخر التأويل، والتعبير، أما عن السائل، فألا تكون رؤياه أضغاث أحلام، لا يعلم تفاصيلها، ولا يعرف أولها من أخرها.
وألا تكون صورة مسجلة من تفكيره اليومي، وهمه الذي يدور في خلجات نفسه في كل جزء من الوقت، وقبل ذلك أن يصدق في رؤياه؛ لأن من يكذب فيها، فلقد أعد الله له العذاب في الآخرة بأن يعقد بين شعيرتين وما هو بفاعل.
وأما عن المفسر، فإضافة إلى علمه بكتاب ربه وسنة نبيه المطهرة، عليه أن يتقي ربه جل في علاه وأن يعلم أن ما يفعله نوع من الفتيا، التي سيحاسبه ربنا جلا جلاله عنها يوم يلقاه، لأنني - والله - أتألم لحالنا اليوم حيث اننا بين مطرقة (جهل) السائلين، و(سندان) تخرص المؤولين، ومن عجب الأمر، أن عوام الناس بدأوا يعبرون الرؤيا ويؤولون الاحلام،فمتى صار شرعنا المطهر ألعوبة في أيدي العابثين، ودمية أمام اللاهين الغافلين.
ومن عجيب ما قرأت في إحدى مواقع اشبكة العنكبوتية، أن أحدهم (ومن طهارة قلب) أخبر المتواجدين في المنتدى أنه رأى الرسول الكريم في المنام.. فماذا تتوقعون إجابة هؤلاء المتلقين، والذين أحسبهم يهرفون بما لا يعرفون، وأن العلم منهم براء كبراءة الذئب من دم يوسف، لقد كانت إجاباتم عجبا عجابا، وهو للبكاء أقرب منه للضحك، لقد قال أحدهم: الله أكبر.. مبروك عليك الجنة (مقدما).. فيا الله.. كبرت كلمة تخرج من أفواههم.. متى كنا نحكم لأشخاص بجنة أو بنار، إلا من حكم لهم الله تعالى في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولقد كانت إجابة الآخر أشد (غضاضة) على النفس، فلقد قال بكل تبجح: أعتقد - والعلم عند الله - أنك ستسلك مسلك أحد الفرق الضالة.. فسبحان من أعطاه (الإلهام)!! حتى يتفوه بمثل هذا؟!!
وما علم هؤلاء المساكين أن رسولنا الكريم دحض أقوالهم قبل ألف من السنين بقوله( من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي)، أو كما قال عليه السلام.
اما قبل: أما آن لكتابنا، أما آن لعلمائنا، أن يبينوا للعامة أن الرؤيا ليست (أكلاً) لكل يستطيع أن يعمله ويفعله.. بل هي إلهام، وعلم.. وأما آن (للمدعين) أن يكفوا بأسهم عنا.. فلقد شغلونا، وآذونا.. وحتى (الفضائيات) قد ضاقت ذرعا بهم، وأحب أن أبين أن للرؤيا أهلها.. ورجالها.. وليس كل من سمع شريطا أو قرأ كتابا.. قال أنا لها.. أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

سليمان بن فهد المطلق


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved