بتاريخ الرابع والعشرين من شهر جمادى الأولى للعام 1424هـ أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -أيده الله-أمره السامي الكريم بإطلاق المبادرة الكريمة بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.. ليكون القناة. والوسيلة.. المعبرة للحوار الوطني المثمر بين أبناء.. هذا الوطن الغالي.
وقد كانت لرعاية سمو سيدي ولي العهد.. يحفظه الله..الأثر الكبير، والملموس في قيام هذا المركز لتلتقي وتتلاقح من خلاله -(الآراء والأفكار) والرؤى الطيبة الحميدة بين علماء ومثقفي هذا البلد المعطاء.
ولقد.. حدد سموه الكريم، برؤيته الثاقبة.. المبادئ التي يقوم عليها هذا الحوار.. ألا وهي (الدين) والوطن والعمل والصبر.. وتلكم هي مبادئ فاضلة، تبين، مدى عمق وتلاحم أبناء.. هذا النبت المبارك، لهذه الأرض الطاهرة قال تعالى {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ..... الآية}
وما من شك في أن قيام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ليعتبر -بحد ذاته- نقلة (نوعية ومتطورة) لنهج المملكة في البناء السياسي، والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي.. دأبت عليه، هذه البلاد،وقادتها الكرام.. عبر التواصل المباشر والمستمر والتلاحم المحمود بين القيادة والشعب لكل ما يحقق الأهداف الخيرة والمرجوة، لرفعة هذا الوطن والارتقاء به إلى المعالي العليا، من التطلعات والطموحات، والتقدم وبما يحقق، وحدة ومصلحة الوطن..
..ولقد جسد، استقبال سمو ولي العهد وتوجيهات سموه السديدة لرجالات العلم، والفكر، والآداب.. من إخوانه وأبنائه المواطنين المشاركين في ملتقى الحوار الوطني الثاني للحوار الفكري، والذي عقد في مكة المكرمة.. خلال الفترة من الرابع، وحتى الثامن من شهر ذي القعدة للعام 1424هـ. نبل الأهداف، والغايات ووحدة (اللحمة) في ترجمة، مامن شأنه سمعة هذا الوطن، الطيبة - وعلو شأنه، من خلال العطاء المتبادل بين القيادة والشعب.. ومؤكداً سموه -يحفظه الله- على أهمية الحوار، وأن فيه الخير كل الخير، لشد القلوب إلى بعضها البعض.
وهو في نظري، خطاب موجه، لكل مواطن ومواطنة. وفق ثوابت عقيدتنا السمحة والنهج السوي، الذي قامت عليه هذه البلاد، وقادتها منذ تأسيسها على يد والدنا الإمام الراحل الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه-
ولقد حذر سموه -يحفظه الله- من الغلو وآثاره العكسية على المجتمع.. ومؤكداً سموه على أن تغليب المصلحة الوطنية العامة، مقدم فوق أي اعتبارات،ولايمكن بأي حال من الأحوال.. أن يضم بين (أرجائه) أي فكر هدام يخرج قيد أنملة. عن قواعد العقيدة الإسلامية وتعاليمها السمحة والتي ترفض التطرف، والغلو أو المغالاة، وإنما الوسطية والاعتدال.. قال تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } سورة البقرة الآية (143).
وما من شك.. في أن توجيهات سموه الكريم.. تفعيل للوعي الاجتماعي من الأخطار الفكرية والمفاهيم الدخيلة.. على مجتمعنا المشهود له بالتكافل والترابط، كأسرة واحدة.. يسند قويها ضعيفها، وصغيرها كبيرها.. ولذا فإن هذا.. يحتم علينا القيام بدور أكبر، في ظل هذا التوجه المبارك، والذي يكمن، بالدرجة الأولى في تربية النشء التربية الطيبة، وتغذيته التغذية الفكرية السليمة، وتوجيهه التوجيه الحسن، للسير على منهاج القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. هذا المشعل الوضاء الذي (يثري وينير) دروب الإنسانية جمعاء.
إنها دعوة مباركة كريمة من سموه نحو الالتفاف بهذا الوطن الغالي.. ليبقى شامخاً في ذرا المجد، من خلال رجالاته الأوفياء وأبنائه البررة، ونسائه الكريمات.
قال تعالى {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} سورة التوبة الآية (105).وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، والله من وراء القصد.
|