ينبغي لنا حتى ندرك أبعاد الأحداث الآنية، أن لا ننسى الماضي بكل أحداثه ووقائعه، بل نربط الأحداث بعضها ببعض حتى نصل إلى تصور واضح لمحاور الصراع ومنطلقاته، ومن ثم نتمكن من كشف أسرار الخداع السياسي المضاد قبل فوات الأوان، وبالتالي التعامل مع كافة الأحداث والمواقف بما يناسبها من قرارات، سواء على المستوى السياسي أو الإعلامي، ولنا في التضليل السياسي والإعلامي الأمريكي خلال الأحداث الراهنة أوضح مثال، حتى غدا الطرح الامريكي علامة بارزة للكذب والخداع المعاصر، وعلى الرغم من ان جل هذا الطرح مقصود كجزء من الحرب، إلا أنه زاد عن حده حتى أضحى مبتذلا لدى كل من يحترم عقله، وفي هذا السياق وكدليل على ضعف ذاكرتنا المرجعية للأحداث، وكدليل في الوقت نفسه على إمعان القوى الغربية، وخاصة الأمريكية، في ازدواجية المعايير بشكل ينبغي لنا معه أن نكون على مستوى الحدث بان لا تنطلي علينا كل هذه الكلمات والوعود التي تبشر المواطن العربي بالنعيم الأمريكي تحت ظلال الحرية وحقوق الإنسان عبر تفريق الشمل وتمزيق الوحدة، ورغم انكشاف أسرار الأهداف الخفية لهذه الحملة التي ترمي في المقام الأول لخدمة المشروع الصهيوني المسيحي المتطرف إلا أننا ولكي نمعن في مزيد من تعرية الأهداف لهذه الحرب التي كان عنوانها الكبير هو تدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية وتأديب النظام العراقي الذي اعتدى على دولة ذات سيادة، سنعقد مقارنة تخاطب العقل الغربي الذي لا يقنعه، حسب زعمه، إلا الحقائق العلمية المنظورة، هذه المقارنة ستكون بين واقعين حاضرين هما العراق واسرائيل، هذه المقارنة التي ستكشف حقيقة العدالة الأمريكية المزعومة، كما ستبين التوجه الأصيل والمتجذر المنحاز أمريكيا تجاه كل ما هو اسرائيلي بما ينفي أي رجاء أو أمل للعدالة الأمريكية تجاه قضايانا، خاصة أن الأمر قد تعدى الانحياز إلى أخذ زمام المبادرة في العدوان خدمة للمشروع الصهيوني، وإليك أوجه المقارنة التي توضح جزءا يسيرا من هذا التحالف.
1- العراق غزت الكويت واسرائيل غزت لبنان.
2- لقي حوالي 3000 كويتي مصرعهم، فيما أدى الغزو الإسرائيلي للبنان الى مقتل ما يزيد على أربعين ألف شخص لبناني عدا القتلى الفلسطينيين في لبنان وفلسطين، والمذابح التي ترتكبها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني المجاهد الأعزل حتى الساعة.
3- رفض العراق تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بالانسحاب من الكويت وكذلك رفضت اسرائيل، وانسحابها جاء بمحض رغبتها بعد فترة طويلة من القرار.
4- العراق خالف المعاهدات الدولية حول أسلحة الدمار الشامل، لكن اسرائيل مخالفة بدرجة فاضحة ومكشوفة لا تقبل اللبس لهذه القرارات، اذ تمتلك كمّاً هائلاً من هذه الأسلحة ولديها التوجه الإرهابي لاستخدامها في أي لحظة من قبل اليهودي المتطرف شارون الذي يزعمون أنه رجل السلام.
5- العراق قَبِل التفتيش على منشآته في حين ترفض اسرائيل مطلقاً هذا التفتيش، لكن مع هذا كله هل تم تجييش الجيوس واحضار البوارج الأنجلوأمريكية لدك معاقل الصهيونية، وملاحقة الفلول الشارونية؟ نصرة للمظلوم وتحقيقا للسلام، أم ان ذلك لا يروق إلا إذا كان الهدف ذا نكهة إسلامية عروبية.هذا غيض من فيض نزن به عدالة الحضارة المادية الأمريكية، هيهات لمن يرجو من هذه الحضارة مثقال ذرة من عدل، وقد انكشف الغطاء وبان المستور، فلم يعد للتواري خلف الدبلوماسية منزع، ولكن يبقى مدد السماء لهذه الأمة الموحدة آتيا بقدر الله وفق سنن لا تتبدل، إنما تحتاج استحقاقات تؤهل لهذا المدد، فالله سبحانه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.. والله الموفق.
ص.ب: 31886 الرياض 11418
فاكس: 4272675 |