Sunday 29th February,200411476العددالأحد 9 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المشرف على مركز الطب الشرعي د. الغامدي لـ« الجزيرة »: المشرف على مركز الطب الشرعي د. الغامدي لـ« الجزيرة »:
جثة الشهري تحللت أسرع من المعدل الطبيعي بسبب تسمم جرحه قبل الوفاة بالبكتيريا والجراثيم

  * الرياض - منصور عثمان:
ولمزيد من بحث جوانب- العمل الطبي الشرعي، ولتركيز دلالات هذا العمل، كان لزاماً علينا أن نستوضح بكثير من التفاصيل والمعلومات العلمية الطبية التي تبدد التكهنات التي لا ترتهن للعلم ولا تأتي بناء على معرفة.
من كل هذا كان المطلوب -الميت -عامر الشهري هذا النموذج الذي يتمحور حوله حديثنا مع المشرف العام على مركز الطب الشرعي- الدكتور سعيد غرم الله الغامدي لنبدأ معه في سؤال عن التعفن في الجثة والمدة التي تستغرق في ذلك.
*****
* ما هو الوقت الذي تأخذه كل جثة لكي تحلل وتفقد صفاتها؟
- هناك قاعدة في الطب الشرعي هي قاعدة الوفاة فوق الارض وقاعدة الوفاة في الماء وقاعدة الوفاة تحت الارض فإذا الجثة وضعت في فوق الارض فإن نسبة التعفن تكون أسرع فوق الأرض منها تحت الماء بنسبة مضاعفة وبثمانية أضعاف فيما لو دفنت، لأن الأرض غالباً تحفظ الجثة لمدة أطول لعدم وجود الذباب والحشرات والحيوانات، وليس معنى هذا عدم تعفن الجثة بل هي ستتعفن ووجودها تحت الارض يطيل الوقت فقط ويؤخر التعفن ، فالجثة إذاً ستتعفن مع مرور الوقت إنما بعد مرور ثمانية أضعاف بقائها فوق الأرض والدليل على ذلك أن جثة الشهري متحللة وانسلخت الفروة وانسلخت أغلب الاجزاء وانفجرت محتويات البطن وتحولت الى عجينة رمية.
* ولكن كيف يمكن أن تبقى ملامح الجثة دون تغير بعد العثور عليها بعد أشهر مثلاً من دفنها؟
- إذا وضعت الجثة في منطقة ثلجية فوق الارض او تحت الارض فلن تتغير معالمها ولقد تم استخراج جثة بمعرفتي في منطقة ثلجية بعد ثلاثة اشهر من دفنها وقد اكتشفنا أن الجثة لم يبدأ تعفنها.
أما المناطق غير الثلجية وهي المناطق الحارة فالجثة تحتاج الى اقل من عام حتى تتحول الى عظام وتمر بالمراحل نفسها التي ذكرتها آنفاً وهي التفسخ والتحلل ثم التحول الى عجينة ثم الذوبان لتبقى العظام وحدها.
وحالة عامر الشهري دفنت في منطقة صحراوية وفي فترة امطار والجو كان بارداً والتغيرات التي حدثت له لو كانت الجثة فوق الارض لقلنا انها حدثت خلال عشرة أيام الى اسبوعين وبما انها وضعت تحت الارض مددنا الفترة الى اكثر من شهر او شهرين حيث وجدنا انسلاخاً في الفروة ووجدنا تقدداً في مكونات الوجه والاصابع والاطراف مما يدل على بداية اختفاء السوائل منها لذلك ذكرنا انها اكثر من شهر كامل واقل من شهرين او تزيد او تنقص عشرة أيام أو اسبوعين.
* هل كان معدل تحلل جثة الشهري طبيعياً ام انه كان غير ذلك.
- بل كان معدل تحلل جثة الشهري أسرع من المعدل الطبيعي لاحتمال انه كان مريضاً قبل الوفاة لمدة لانعلمها وهي من العوامل التي تساعد على سرعة التحلل ،وأثناء دفنه قبل العثور عليه كان هناك الكثير من الجراثيم والبكتيريا نتيجة تعرضه لجرح ثم تلوث هذا الجرح وهي من العوامل المساعدة حتى لو وضعت هذه الجثة تحت الارض او فوق الارض. فالجراثيم والبكتيريا التي كانت موجودة اصلاً تساعد على سرعة التحلل ، فالجرح نفسه كان متسمماً بالبكتيريا والجراثيم وهي أحد العوامل المهمة التي ساعدت على سرعة تحول اعضائه الداخلية الى عجينة مثل ما جاء في التقرير الطبي.
* ما صحة ما ذكر أن جثة الشهري احتفظت بملامحها؟
- الحجم الذي نراه في وجه الشهري هو تعفن وهو تعفن يخفي المعالم ونحن نسميه تعفناً لأنه يضيع معالم الجثة ومعالم الجروح ويضيع المعالم الظاهرية للوجه إما بالانتفاخ وإما بالتقدد والجفاف وإما بالانسلاخ ولعل المقصود هو الملامح العامة.
* هل كان حجم التشويه في وجه الشهري بالمعدل الطبيعي أو أكثر؟
- هو أسرع من المعدل الطبيعي في مثل وقته الا وهو من شهر الى شهرين فلقد اختفت العينان في وجه الشهري وهو ما يضيع معالم الوجه ويجعلك غير متأكد من شكل الوجه حتى لو نظرت إليه، فاختفاء جوهر العينيين، وتقدد الشفايف في جثة الشهري احد العوامل التي لا تساعد على معرفة شكل الوجه، فالشفايف كانت متقددة نتيجة التعفن والجفاف فبقيت متقددة ورفيعة جداً ، أما عظام الوجه فكانت ظاهرة والعينان كانتا مختفيتين وهما العاملان اللذان يضيعيان شكل الوجه نهائياً.
* في مثل حالة الشهري هناك ملامح غائبة شكل الصورة الحقيقية التي نشرت سابقاً وهي له قبل وفاته وهذه الصورة الآن نراها مختلفة تماماً كيف يمكن الاستدلال على أن هذا هو عامر الشهري؟
- لا يمكن أن يتحقق ذلك الا من خلال الاستعراف وهذا النظام الذي نعلمه مثل لو أن شخصاً حضر وقال إن أسنانه بها سن ذهبية أو سنان ساقطتان فيمكن أن يتعرف شخصياً على هذا المتوفى من لديه معرفة كاملة وأكيدة عن ذلك.
ونحن في حالة الشهري اختفى جوهر العينين وبها بقايا جوهر العينين وليست العينان، وهنا لا يمكن لأي شخص التعرف عليه حتى ولو كان ذلك والده أوشقيقه ،علماً بأنه بعد عملية الترميم فإن شكل الشفايف لا يمكن إعادته إلى ما كان عليه قبل الوفاة وشكل الأنف لا يمكن هو الآخر إعادته والعين أيضاً لا يمكن إعادتها فنحن نحافظ على الجلد بأن يبقى متماسكاً فقط لكن لا نرجعه كما كان.
* هذه الجثة بكل هذا التشوه تنفي إذاً مسألة ما يشاع من كرامات ومن احتفاظ الجثة بكامل شكلها؟
- هي جثة والجثة وفق سنن الله تتغير معالمها مهما كانت الوفاة سواء طبيعية أو قتل فإنها في النهاية ستتحلل وتتعفن، وستمر عليها جميع مراحل التعفن وجميع مراحل التحلل والتفسخ في الانسجة ثم تحولها الى عجينة ثم يبقى عظاماً، ولو ترك هذا الجثمان لفترة أطول لوجد أنه أصبح عظاماً مثله مثل أي جثة أخرى.
* لنعد لحالة الشهري هل كان بامكانه العيش لو عولج حينها بطريقة حديثة وليس كما فعل الارهابيون مع رفيقهم؟
- لو عملت عملية لاستخراج الرصاصة وتم ترقيع الحجاب الحاجز والرئتين لكانت هناك فرصة للنجاة بمشيئة الله خاصة مع عدم اصابة القلب والشرايين الكبيرة.
* ما هو التعفن الذي ذكرتموه أكثر من مرة؟
- التعفن هو بداية انتفاخ الجثة وانتشار الغازات فيها، فكل إنسان لديه بكتيريا تتغذى على ما يتغذى عليه الإنسان وبعد وفاته تبحث عن غذائها ثم تبدأ تنتشر في الجسم عن طريق العروق وتحت الجلد.
* ما الذي لاحظتموه على جثة الشهري؟
- أن رائحتها كانت نتنة جداً وهذا امر طبيعي للظروف التي مرت بها الجثة من غياب التغذية حيث نجد أن كثيراً من الأنسجة تحطمت واختفت وتحللت كما أن طريقة الدفن غير طبيعية والقبر غير طبيعي أيضاً.
وحول دور الحمض النووي في إثبات النسب، ونسبة صحة التحاليل بين د. الغامدي أن الحمض النووي يستخدم في حالات اثبات النسب والأطفال المجهولين وغير ذلك في الحالات التي لا يعرف فيها أحد الأشخاص، حيث يتم أخذ عينة من الشخص نفسه سواء كان طفلاً أو كبيراً في السن وعينة من الأبوين، مشيرا الى أنه يتم عمل كواشف عليها حيث يظهر في نموذج كل واحد من هؤلاء الثلاثة رمز هو الرمز الجيني لنفس الشخص ويجب أن يتطابق أحد هذه الرموز مع الشخص الذي يجرى عليه التحليل.
وعن نسبة صحة تحليل الحمض النووي أوضح د. الغامدي أن صحة التحليل هي 99.999% أي أن نسبة الخطأ هي واحد في المليار وهذا حسب المعايير الدولية وأكد أن المعايير الدولية حددت نسبة الكواشف التي تجرى بأربعة كواشف ونحن نعمل كواشف تصل الى ثلاثة عشر كاشفاً زيادة في التأكد وتبلغ تكلفة هذه الكواشف من الألفين الى الخمسة آلاف ريال لكل حالة.
وعن الإجراءات المتبعة في حالة عدم الاستطاعة في الحصول على عينة دم من الجثة المجهولة، بين د. الغامدي في هذا الصدد انه تؤخذ عينات من الشعر أو اللعاب أو السائل المنوي أو تؤخذ أنسجة من الجلد أو اللحم أو من العضلات أو من العظام أو الأسنان.
فالعظام والأسنان تقاوم التعفن ولو وجدنا الدم متحللا والأنسجة متعفنة فالأولى أخذ السن أو العظام الطويلة مثل الترقوة ورأس عظمة الفخذ لوجود الخلايا التي يمكن أن نتحصل على D.N.A منها لوجودها في خلايا الدم البيضاء وموجودة في خلايا مخ العظام.
وأشار الى ان الحصول على الحمض النووي من الشعر يكون في البصيلة أما الجلد أو اللعاب فيوجد في النواة حيث يتم تكشيرة ثم تكفيرة في المعامل ثم رسمه بهذه الطريقة في هذا النموذج.
كما يمكن ذلك بطريقة أخرى وهي أفلام الأشعة حيث يتم زرع نفس العينات على صفائح الأشعة ثم توضع على مواد مشعة وتظهر الفيلم على هيئة نقط سوداء فلو أخذنا عينة الأب ثم عينة الأم ووضعنا عينة الابن بينهما لوجدنا أن الابن أخذ رمزاً من الأب ورمزاً من الأم كما هو ظاهر أمامك في هذا النموذج ولا يكفي فيلم واحد هنا فيجب عمل أربعة كواشف أو خمسة حتى تكون دقة الفحص سليمة 100%.
ورداً على سؤال حول الخطوات التي يتم بها عمل فحوصات الحمض النووي بالجثة.
أوضح د. سعيد الغامدي أن البصمة الوراثية تعمل في أي مرحلة من مراحل الوفاة ولو احتجنا عمل الفحوص في نفس يوم الوفاة فيمكن ذلك بأخذ عينات دم أو الشعر أو الأنسجة أو غير ذلك.
أما إذا كانت الجثة متعفنة فهي كما أشرت سابقاً تؤخذ العينات من الإنسان أو الشعر وهي تحتمل التعفن لشهور أو لسنين طويلة خاصة من العظام.
وعمَّا إذا كانت هناك حالات مشابهة لحالة المطلوب عامر الشهري.
قال د. الغامدي: هناك حالات تم العثور عليها بعد أسابيع من وفاتها أو شهور منها كأن تكون مرمية في أحد الأودية أو الجبال ولم يتم التعرف عليها فيتم الاتصال بالعوائل التي لها شخص مختفٍ ويحصل منهم على عينات ويتم عمل الفحوصات للحصول على نتائج، ومعدل مثل هذه الحالات هو كل أسبوع حالة أو كل أسبوعين.
وأشار في هذا الصدد إلى أن عمق القبر وقرب الجثة من الأرض وكلما كانت أكثر قرباً من سطح الأرض كانت أكثر تعرضاً للعوامل الجوية القريبة من السطح أو الحيوانات فكلما قربت من الأرض كانت البشرة أكثر عرضةً للتعفن وكلما نزلت عمقاً زاد حفظها وتعطل التعفن.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved