Sunday 29th February,200411476العددالأحد 9 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هكذا علَّمني صالح العزاز هكذا علَّمني صالح العزاز

لقد كان لي مع والدي -رحمه الله- تجربة إنسانية حافلة وغنية بتلك الزيارات لمختلف متاحف العالم، وفي كل زيارة كنَّا نقوم بها كنَّا نُطلُّ على عالم جديد مختلف عن ذلك الذي نسير في شوارعه، ونتقلب بين منازله.
***
أكاد لا أنسى زيارتي لمتحف الأطفال في مدينة تورنتو بكندا.. وكيف قضينا يوماً حافلاً بين جدرانه.. التقينا بأطفال من جميع أنحاء العالم.. وتلقينا المعرفة عن طريق آخر غير ذلك الذي اعتدنا عليه خلف مقاعدنا الدراسية.
***
وفي إحدى رحلاتنا قمنا بزيارة منزل الشاعر الأسكتلندي (روبرت برون) الذي تحوِّل إلى متحف صغير ومتواضع يَفِدُ إليه الزوَّار من جميع بقاع العالم.
تعرَّفنا من خلاله على حياة أديب عاش حياة ريفية متواضعة، كان أبوه مجرَّد فلاح يقوم بزرع الحقل وحصده، وعندما تُوفِّي أبوه اضطُرَّ روبرت لأن يتحمل أعباء المنازل والأسرة وحده، قام بجمع أفضل ما كتب من الأشعار ونشرها في كتاب عام 1786م، اعجب به القراء وذاع صيته بين الناس، وحتى بعد وفاته مازالت اشعاره وكتاباته تقرأ وتؤلف منها المسرحيات، ويتغنى بها الهواة.. زيارة إلى بيت ريفي في وسط قرية شمال مدينة (أدنبرة) عرفتنا على الأدب الانجليزي وعلى حياة شاعر مناضل صاحب فكر وفلسفة من نوع آخر غير الذين نفكر بهما نحن.
***
في آخر اجازة عائلية قضيناها في ربوع لبنان.. قمنا برحلة الى بشرى مسقط رأس جبران خليل جبران.. زرنا متحف ومنزل جبران.. وتعرفنا على جبران ليس مجرد الشاعر وإنما الرسام ايضاً.. متعنا أعيننا بالنظرالى أكثر من 260 لوحة تحمل كل واحدة منها ألم الحياة والصراع الذي عاشه جبران وحبه لذلك الجنس اللطيف، وايمانه القوي بربه.
حدثتنا أسطر جبران بأن نحتفظ لاصدقائنا بأفضل ما لدينا، وان عطاءنا مما ملكت أيدينا وقليل ومنحنا من ذاتنا هو العطاء الصادق، اخبرنا ان ابناءنا ليسوا ابناءنا.. هم اولاد وبنات الحياة.. يأتون من خلالنا لكنهم ما هم منا.. معنا يعيشون والينا مع ذلك لا ينتمون.. ربما نمنحهم حبنا ولكن لن نمنحهم افكارنا.. قد نجتهد لنكون مثلهم ولكن حذار ان نجعلهم مثلنا.. فالحياة لا تمضي في رجوع ولا تتشبث بالأمس الفائت.
***
قبل أكثر من أربعة أعوام قمت ولأول مرة بزيارة المتحف الوطني في عاصمتنا الحبيبة.. كانت وقفة رائعة على تراث الماضي ونهضة الحاضر.. قرأت اشياء لم اقرأها من قبل. زرت مدائن صالح التي لم يتسن لي أن أزورها في الواقع.. شاهدت آثاراً جمة لم أكن أتخيل أن بلادي غنية بها.. حضرنا عرضاً سينمائياً عن توحيد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - لمناطق المملكة، وكان لذلك العرض الفضل في أن أدركت أختي (الشهلاء) كيفية قيام الدولة السعودية، حيث إنها عجزت عن حفظ وتلقي ذلك الدرس النظري في المدرسة. هنيئاً لنا بهذا الصرح العظيم.. وهنيئاً لكل من قام بزيارته.
جميل أن تكون لنا صداقة مع الحاضر والمستقبل من خلال إطار جميل ينير العقول وينمي مواطن الإبداع ليستمر العطاء الإنساني على مر الزمان.

الشيهانة بنت صالح العزاز


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved