تمخض الجبل ولم يولد بعد.. هذا هو الانطباع الذي ساد الشارع الفلسطيني بعد اجتماع المجلس الثوري لحركة فتح الذي اجتمع لمدة ثلاثة أيام تخللتها نقاشات حادة وخلافات وشتائم، إلا أن النتيجة لم تكن حسب ما يريده أنصار فتح، وكون الاجتماع جاء بعد أسابيع من الاستقالات الجماعية من فتح التي طالب الموقعون عليها الذين تجاوز عددهم قرابة الأربعمائة عضو من القيادات الوسيطة بوضع حدٍ للفساد والانفلات الأمني وتجديد القيادات.
ولهذا فقد كان واضحاً أن كل الذين تحدثوا في الاجتماعات قد تبنوا هذه المطالب خاصة عقد المؤتمر السادس للحركة الذي لم يعقد منذ خمسة عشر عاماً، وهذا المؤتمر الذي شكل المجتمعون لجنة تحضيرية للإعداد له ستتخلله انتخابات لاختيار أعضاء اللجنة المركزية والقيادات الرئيسة لحركة فتح.
المؤتمر السادس للحركة وإجراء انتخابات لتجديد دماء القيادة، ووضع كتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح) هما البندان المهمان في هذه الاجتماعات، وكلاهما لم يتضح الموقف النهائي بخصوصهما، فبالنسبة للمؤتمر السادس والانتخابات تكشف أسماء اللجنة التحضيرية للإعداد للمؤتمر أن (الحرس القديم) وهم الأعضاء المحيطون بالرئيس عرفات يحاولون التشبث بمواقفهم رغم أن رياح التغيير إذا ما عقد المؤتمر السادس لابد أن تطيح بالكثير منهم لتحل بدلاً منهم قيادات شابة لم تتلوث أسماؤها باتهامات الفساد والعلاقات المشبوهة بالعدو الصهيوني، والذين تابعوا الاجتماعات في أيامه الثلاثة واليوم الإضافي الأخير لاحظوا قوة الحضور للقيادات الشابة التي أحرجت في مداخلاتها الرئيس عرفات نفسه ومستشاريه هاني الحسن وجبريل رجوب اللذين تلقيا النصيب الأكبر من الاتهامات وحتى الإساءات.
أما بالنسبة لموضوع كتاب شهداء الأقصى، فقد وضح أن القيادة السياسية لحركة فتح لا توجد لها سيطرة قوية ومباشرة على عناصر كتائب الأقصى، فهذه العناصر المقاتلة لا توجد لها قيادة ميدانية بالمعنى الدقيق للقيادة، وهم على شاكلة الخلايا التنظيمية الميدانية المحلية، كل خلية مرتبطة بقيادتها العسكرية المحلية التي ليست بالضرورة معروفة وذات علاقة بالقائد السياسي المحلي لحركة فتح، ولذلك فإن تأكيد محمد دحلان بصعوبة التأثير على كتائب شهداء الأقصى من قبل المجلس الثوري أو اللجنة المركزية.. قول صحيح ونابع عن معرفة دقيقة بنوعية العلاقة بين قيادة سياسية شبه معزولة.. وشباب يعملون على الأرض من خلال قناعات غير متطابقة مع آراء ومواقف قيادات فقدت تأثيرها.. وهنا تكمن أهمية المؤتمر السادس القادم لحركة فتح.
|