قرأتُ مقالاً في عدد الجزيرة 11469 يوم الأحد 2-1- 1425هـ للأخ عبدالرحمن عقيل المساوي، وهو مقال أجاد الطرح فيه، ولي إضافة مختصرة؛ لعلي أفيد للحد من مشكلة الانتحار، ونقول: شهد مجتمعنا في الآونة الأخيرة بعض حالات الانتحار، وهي تعد حالات نادرة؛ لأن المجتمع متمسك بالدين الإسلامي؛ دين التسامح والعدل، ودين سلام، ودين دعوة المسلمين وغير المسلمين؛ انطلاقاً من قوله تعالى :{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } (125) سورة النحل، فهو دين يمنح صاحبه تحقيق الأهداف السامية، وهي رضى الله تعالى، والحصول على الجنة، والبعد عن النار؛ فالانتحار هو الهروب من المشكلة، وعدم مواجهة الواقع المؤلم، ولم يستطع تحقيق رغباته الشخصية التي تلبي له الرفاهية والعيش الرغيد، ولا ينظر إلى عقوبة قاتل نفسه. بل يجب على مسئولي المجتمع طرح أسئلة تريد الإجابة والعلاج الفاعل للحد من مشكلة الانتحار في ظل ظروف العصر والقلق الذي ينتاب كثيراً من البشر بسبب عدم الرضى عن واقعه الحالي، وهو دائم التفكير بمستقبله، بل يسيطر عليه التفكير في معظم اليوم. والأسئلة هي: لماذا ينتحر الفرد؟ وماذا يريد؟ وما هي الأسباب المؤدية للانتحار؟ وما هي الأعراض؟ وكيفية تحديد الأهداف في الحياة؟ وما هي الدوافع للانتحار؟ وما هي قوة الإيمان عند الفرد؟ واعتبر الإجابة على هذه الأسئلة كفيلة للحد من الانتحار. والانتحار يجب أن نحلِّله بالأسباب والنظر إلى نظرية التحليل النفسي وتفسير الإقدام على الانتحار. وتقوم نظرية التحليل على الهو والأنا والأنا العليا، وأن تحقيق التوازن بين الهو والأنا والأنا العليا يكون الفرد خالياً من الأمراض النفسية والأعراض النفسية، وأن الهو هو رغبات الشخص من حيث نشأت، ورغباته الشخصية وفقاًَ لهواه، وهذا ما يحدث عند المنتحر؛ يعجز عن تلبية رغباته، ويلجأ إلى الانتحار إلاَّ إذا كان الفرد قوي الإيمان، قوي الإرادة للتغلب على مشكلاته والصعوبات التي يواجهها؛ فالفرد يجب أن ينظر للذي أدنى منه ويعتبر منه، وأن الأنا تسيطر على الهو للحد من الرغبات التي تتعارض مع قواعد المجتمع ونظمه، ولكن الفرد يميل إلى تلبية رغباته إلا إذا كان عنده دين إسلامي يردعه من الانتحار، وأن الأنا العليا تمثل الضمير لدى الإنسان، وأن رغباته تتعارض مع مجتمعه، ويعيش الفرد في صراع بين تلك الافتراضات من نظرية التحليل النفسي، فنقول: حقِّق رغباتك وفق قدراتك المالية والدينية التي تحذِّرك من فعل الحرام، وإلا استسلم للأمر الواقع وعش سعيداً بواقعك المر وحوِّله إلى واقع سعيد بعيد عن القلق، كيف تفعل ذلك؟ تخيَّل أن الصعوبات التي بمقدروك تحقيقها بعيدة، غيِّر مكانك الذي أنت فيه، حتى ولو أن تسافر إلى مدينة أخرى؛ حتى تبعد السأم وتبدله بفرح وسرور، جعل الله أيامك سروراً، وحوِّل الواقع المر إلى أن تتوافق نفسك مع المتغيرات التي تطرأ على حياتك، وإن تحقَّق التوكل الكلي على الله فالتوكل على الله كفيل بحلول جذرية لكل الصعوبات التي تواجهك، فلنبدأ بالتوكل على الله، وليس التوكل على البشر، والله الهادي إلى سواء السبيل.
صالح محمد العتري
مدرسة البراء بن مالك بريدة |