Saturday 28th February,200411475العددالسبت 8 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أحسن الله عزاءك يا عبدالهادي أحسن الله عزاءك يا عبدالهادي

قرأت بالعدد رقم 11464 في صفحة الرأي مقالاً بعنوان (ورحلت أمي) للأستاذ عبدالهادي الطيب. وحيث إن صفحة عزيزتي الجزيرة تعقيبية تشارك الجميع بالأفراح والأحزان أحببت أن أشارك الأستاذ عبدالهادي أحزانه عبر هذه الصفحة.
علمت بأن الأستاذ عبدالهادي سوف يقضي إجازة عيد الأضحى المبارك في الأردن عند زوجته وأولاده، وكان هو يتمنى أن يشاهد والدته، وأن يقضي جميع إجازاته عندها في فلسطين، ولكن الظروف القاسية فرَّقت بينه وبينها. وحسب ما علمتُ أنه منذ تسع سنوات لم يشاهد والدته، وإنما يسمع صوتها بالهاتف.
إنه موقف مؤلم، يؤثر في النفس، ولكنني أسأل الله أن تعود المياه إلى مجاريها الطبيعية لجميع الفلسطينيين، وأن يكون الفراق مؤقتاً، فما أحلى وألذَّ من لحظة اللقاء!.وفي يوم الجمعة الموافق 15-12- 1424هـ مساءً اتصلتُ هاتفياً على الأستاذ عبدالهادي أعايده وأسأله عن وصوله إلى السعودية، فبادرني بالتأتأهة بالكلمات، والحزن والألم يخيم على نفسه. فقلت: يا أبا معتز، عسى ما شر. فقال: والدتي انتقلت إلى رحمة الله، فباشرته بالتعزية وقلت: أحسن الله عزاءك، وجبر الله وصيتك، وغفر الله لميتك. فرد عليَّ قائلاً: (جزاك الله خيراً). تعمدت إطالة الحديث معه مشاركةً مني لأحزانه، فسألته: هل والدتك مصابة بحالة مرضية؟ فقال لي: إنها بصحة جيدة؛ فقد كانت تنتظر أخي (ماهر) وعائلته قادمين من (الحج)، وقد تم وصولهم فجر الجمعة 15-12-1424هـ، وسلموا على والدتي وفرحت بهم فرحاً كبيراً، ودار الحديث بينها وبينهم، تسألهم أسئلة كثيرة، وتدعو للحكومة السعودية دعاءً نسأل الله له القبول بما تقدمه من خدمات جليلة إلى ضيوف الرحمن، وسألت أخي ماهر عني وعن عائلتي، وكانت كثيرة الدعاء لشخصي؛ لأنني ابنها الكبير، والفراق بيني وبينها أكثر من تسع سنوات.وبعد هذه الجلسة، استأذنها أخي للسلام على أخي الذي يسكن في الدور الثاني. وما هي إلا لحظات، أو بالأصح دقائق، حتى سمع أخي ماهر صوت النداء: ماهر، ماهر، عد سريعاً الى أمك. فرجع ووجدها قد فارقت الحياة. فيالها من مصيبة عظيمة، أخبروني بالهاتف ثم شيعوها. وهاآنذا أتلقى التعازي في الأردن.
فاختتمت المكالمة الهاتفية بيني وبينه قائلاً: الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وأسأل الله أن يثبتها بالقول الثابت، اللهم ارحمها ونقِّها من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أسكنها فسيح جناتك، واجعلها من الفائزين يوم الدين يا رب العالمين.إن الفراق بين عبدالهادي ووالدته تسع سنوات لم ينظر إليها بعينه. والآن بعد مماتها طال الفراق وأصبح مستمراً حتى تقوم القيامة. فيالها من مصيبة وكارثة، ولكن بالإيمان والرضا بالقضاء والقدر تهون المصائب. نسأل الله أن يلم شمل المتفرقين، وخاصة إخواننا الفلسطينيين؛ إنه سميع مجيب.
وأنا عايشتُ مرارة الفراق، وكتبت هذه المرثية في والدي يرحمه الله:


شالوه من بيته بحال رديه
وحطوه في غرفة أطباء تداويه
أنا أشهد انه صدمة لي قوية
والقلب مهموم وزادت بلاويه
خمسة عشر اثنين يوم المنيه
واليوم الاسود عارفين مواريه
الموت فراق الخوى عن خويه
واللي انكتب باللوح لازم نلاقيه
المنظر اللي شفت ما هو نسيه
فوق النعش حطوه والعين تبكيه
هذي هي السنة ونفسي رضيه
واليوم ومن الوالد اللي أداريه
بالقبر مدفون بأيدي زكيه
واللبن فوقه والفصايل بعاليه
عساه ينزل في منازل عليه
وعساه بالجنات ربه يجازيه

علي بن عبدالله الحسين


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved