Saturday 28th February,200411475العددالسبت 8 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الدول العربية ومنظمة التجارة العالمية الدول العربية ومنظمة التجارة العالمية
د. خليل إبراهيم السعادات/كلية التربية -جامعة الملك سعود

القدرة التنافسية الأكبر في الأسواق العالمية تنبع من تحسن الدخول والوصول إلى أسواق البلدان المصنعة والذي يؤدي إلى إحداث نمو في صادرات البلدان النامية في القطاعات الصناعية نظراً لوجود مزايا نسبية لدى تلك البلدان، ومثل هذه المنافع سوف تؤدي إلى إعادة توزيع الموارد في البلدان النامية مما يوصل إلى حالة تحسين الأداء الاقتصادي.. هذا ما يجب أن يكون عليه الأمر إلا أن الواقع مختلف تماماً فقد تكون هناك خسائر بالنسبة للمصالح التجارية للبلدان النامية والعربية من بينها.
قدمت هذه الرؤية كدراسة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وذكرت أن أول تلك الخسائر نابعة من تحرير التجارة وحق الوصول إلى الأسواق حيث إن التبعات السلبية لذلك عديدة وخاصة للبلدان العربية التي تعتمد حالياً على نظام الأفضليات في وصولها إلى أسواق البلدان المصنعة.
وثانيها احتمالات زيادة أسعار الغذاء كنتيجة لرفع الدعم عن الزراعة والذي سيصعد من واردات البلدان العربية التي تعتمد اعتماداً كثيفاً على واردات الغذاء مما يؤدي إلى تدهور حاد في موازينها التجارية.
ثالثها الطبيعة المعقدة والمدى الواسع لتطبيقات تحرير التجارة سوف يولد ضغطاً على البلدان العربية من أجل توفير قدرات إدارية ومؤسسية وبنية تحتية متكاملة للتسيير التجاري من أجل تعظيم العوائد من تلك الاتفاقات، وهذا غير متوفر في غالبية البلدان العربية كما أنها من جانب آخر تعاني من قيود تمويلية وقيود في ميزانياتها. ومن غير المؤكد أن تستطيع البلدان العربية تبوؤ عضوية مؤثرة في نظم التجارة متعدد الاطراف وأن تحقق موقع قدم فاعل فيه.
رابعها الاستثناء المقصود لمنتجات الهيدروكاربون من اتفاقات الأرغواي ومن تحرير التجارة ورفع التعريفة والوصول إلى الأسواق وهذا من أضعف الحلقات في الاتفاقات. وان البلدان النفطية والعربية هي المستهدفة بالدرجة الأساس وخاصة أنها تعتمد اعتماداً شبه تام على عوائد النفط.
وأشارت الدراسة إلى أن منظمة التجارة العالمية بدأت تلعب الدور الأساسي في تنظيم اقتصاد ما سمي بالعولمة وفي شؤون البلدان الأعضاء والملاحظ أن تأثيرها في تزايد ضمن دورها التقليدي المهيمن على استيراد وتصدير السلع والضوابط التي تمليها الاتفاقية العامة للتعريفة والتجارة انتقلت لتغطي قطاعات الخدمات وحقوق الملكية الفكرية وأصبحت تتحكم وتؤثر على عملية الإنتاج بصورة شاملة. ولتلك الهيمنة تبعات بالغة المضاعفات على رفاه الشعوب الضعيفة وعلى عملية التنمية بجميع جوانبها لبلدان العالم الثالث وخاصة للبلدان العربية.
وتوضح الدراسة أن منظمة التجارة العالمية عملت على قولبة بلدان العالم داخل إطار اقتصادي تم تصنيعه في البلدان المصنعة الرئيسية وبقية البلدان المتقدمة.
وبالرغم من أن هناك عددا من بلدان العالم الثالث والبلدان العربية في عضوية تلك المنظمة فليس لهم عملياً أي دور مؤثر في تسيير الاحداث ولم يكن الأمر مختلفاً عن ذلك كثيراً في جولات الأرغواي أو الاتفافية العامة للتعرفة والتجارة (جات).
وبحسب الدراسة فإن مشكلة البلدان العربية في علاقتها مع (الجات) وبمنظمة التجارة العالمية تعود إلى أساسيات إنشاء ذلك النظام.
ومن الناحية المثالية فإن كلا من وثائق (الجات) واتفاقات مراكش قد أوضحت الأهداف النبيلة للارتفاع بمستوى معيشة الشعوب من تحقيق العمل للجميع وتحسين المستويات الحقيقية للدخل، كما أشارت تلك الوثائق إلى الاجراءات التي تحقق المنافع المشتركة من خلال تخفيض التعرفة والحواجز التجارية كوسيلة لإنجاز تلك الأهداف.
إلا أن الدراسة تعتقد أن مبدأ المنافع المشتركة والمتبادلة لا يمكن أن يكون ذا فائدة إلا اذا كانت الأطراف على نفس المستوى من التقدم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولكنها يمكن أن تحمل كل النقائص إذا ما كانت البلدان الموقعة على الاتفاق تقع ضمن مدى متفاوت من الإنجاز التنموي بين متقدم ومتوسط ومتخلف، ففي مثل هذه الحالة تكون مجموعة الدول المتقدمة هي التي تملي شروطها وتستأثر بالعوائد في حين أن البلدان التي تقع في أسفل السلم يتم تهميشها بالكامل. قد تكون هناك بعض المنافع المتفرقة للبلدان العربية وبلدان العالم الثالث إلا أن النهضة الحقيقية لازالت بعيدة المنال وهذا ما يحدث حالياً من خلال التطبيقات لنظام منظمة التجارة العالمية والاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة.. وعلى الله الاتكال.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved