Saturday 28th February,200411475العددالسبت 8 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عصا جدي.. هيجت ذكرياتي عصا جدي.. هيجت ذكرياتي
إبراهيم بن سعد الماجد

كان - رحمه الله - عن الدنيا منصرفاً وإلى الآخرة مقبلاً، لا تراه إلا ذاكراً ربه مثنياً عليه سبحانه وتعالى.
إذا تحدث أوجز، فكان حديثه لا يمل، وكان - رحمه الله - كثيراً ما يحاول إيصال المعلومة - لنا نحن أحفاده بالطريقة التي يرى أنها تجذبنا وترسخها في أذهانا فكنا نأنس بالحديث إليه والجلوس معه رغم حداثة أعمارنا.
كان - جدي - مثالاً للأب - القدوة - ففي حديثه معنا توجيه بل لا أبالغ إذا قلت كان في ابتسامته يعلمنا كيف يكون - الضحك - إذ لم يكن - رحمه الله - يميل إلى الهزل في أحاديثه رغم أنه كان صاحب مجالس يملؤها الأنس والبهجة سواء معنا كأسرة أو مع الأقارب والأصدقاء والجيران.
طلب العلم منذُ صغره ولازم في ذلك وعمل في القضاء في بلدة - سنام - لفترة متصلة إلى أن أحيل للتقاعد، فكان خلال عمله قاضياً يسعى إلى الإصلاح لا إلى الحكم من أجل أن تبقى النفوس نقية، فأحبه أهل هذه البلدة وأحبهم فكان رحيله عنهم - فاجعة -.
يقول عنه أمير - سنام - عمر أبا العلاء - رحمه الله تعالى - كما يروي لي والدي - حفظه الله - أنه أغلى عنده من أولاده..
أما لماذا فلأنه كان مع أهل هذه البلدة ومع أميرها الشيخ عمر أبا العلاء ناصحاً أميناً يسعى إلى ما يصلح البلاد والعباد بشتى الطرق فكوّن هو والشيخ عمر أبا العلاء ثنائياً كله نصح ونفع لأناسهم ومجتمعهم.
يوم أهدتني زوجتي - عصا جدي - منذ أيام بعد أن أحضرتها من منزل والدها - هيجت ذكرياتي عن هذا الوالد العظيم جدي.. الشيخ محمد بن سليمان آل مهنا.. الذي رحل منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن ولم ترحل ذكرياته الجميلة..
بل لم يرحل كما يقال - من خلف لم يمت - فرغم ن أولاده سبع بنات وولد واحد هو خالي الشيخ مهنا.. الذي يذكرني بقول القائل..
وواحد كألف إن مر عنا.. أقول رغم أنه ليس له من الذكور إلا واحد إلا أن صيته ما زال مدوياً وسيرته الحسنة ما زالت متناقلة بفضل الله ثم بفضل هذا الولد الصالح الذي عمل ملازماً لوالده في المحكمة كاتباً إلى أن تقاعد والده ثم انتقل إلى محكمة الرياض الكبرى أميناً عاماً لها واستمر في هذا المنصب حتى تقاعد منذ سنوات.
عصا جدي.. رغم أنها عصاه التي كان يتوكأ عليها إلا أنها ذكرتني بوالدتي التي رحلت منذُ ما يزيد عن عقد من الزمن - رحمها الله تعالى - تلك الأم التي كانت مثالا للأم الناصحة الصالحة التقية الورعة التي ورثت عن والدها صفات كثيرة - فرحمهما الله -.
عصا جدي.. تربطني بماض أقل ما يقال عنه - جميل -..
ماض كانت فيه القلوب نقية كنقاء سماء للتو أمطرت.. لمجتمع كان يقدم جمع الكلمة على المصلحة الذاتية..
لمجتمع يمثل المجتمع المسلم الحق (جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
عصا جدي.. توكأ عليها في زيارة مريض وصلة رحم ومشياً في الظلم إلى المساجد.. وهي عندي أغلى من كل مقتنياتي.
تذكره الشاعر المبدع (دائماً) محمد بن حمود الغزلي بهذه الأبيات:


لا عدت يا حبر على الطرس ما زال
ما زال يرسم من حروفه تباريح
حرف بلوح بماضي الوقت ما سال
عن ما يمر من السنين المدابيح
حمل علي من التباريح مثقال
وردد علي من همومي مساريح
شيخ ذكرته زاد بالقلب ولوال
وبذرف عليه من الدموع الفواويح
أبكيت من حولي إكبار وجهال
وقعدت أضم الطرس وأقوم وأطيح
وأظن أنا ببكيه ما دامت الحال
ببكي واكرر بالليالي المراويح
ويبكي سنام ويرسل الدمع سيال
لضلاعة البرة وهاك المساويح
ما دام دمعي للذي فوقنا عال
في حب راع الكون ما به تجاريح
عليك يا شيخ ترك زين الأعمال
بين الربوع الحاضرة والفلاليح
للدين جود في مثانيه بحبال
ومع الضحى يا زين لطف التمازيح
تله عزيز عود بالعم والخال
ربعه إكرام مبعدين المشاويح
ومن الشجاعة موفي الصاع مكيال
يشهد جبا دلقان هوش المناصيح
تاسع عدد ربع على الهوش صمال
تسعة أقروم بالموافق زحازيح
والضد خمسين على حد الأقوال
والقيظ حامي والمشارب ضحاضيح
حدوا جموع الضد حد على الجال
اليا واجهوا حيانهم بالتماويح
يشهد أبو سلطان شيخ لنا طال
أبا العلا قدوة أرجال مفاليح
وخير الكلام ادعي له اليوم بإرسال
رحمات مع ذرات كونه سوابيح
والجنة الخضرا لها ظل واظلال
أرجو نزوله بالجنان المداويح
واليوم يا مهنا عسى العدل لك فال
الحق راعه دام بالعمر تصريح
وختمه صلاتي عد ما هل همال
على النبي الهاشمي بالتسابيح

وبعد:
إلى الله أرفع أكف الضراعة أن يتغمد صاحب هذه العصا برحمته ويجمعنا به وابنته (والدتي) في الفردوس الأعلى وأن يحفظ والداتي الست الباقيات ويلبسهن ثوب الصحة والعافية في ظل والد الجميع خالي الذي يمثل الأبوة الحانية لكل أخواته بعطفه وتواضعه الجم وحبه للخير وأهله.
ولكم أيها القارئون صادق الدعوات
فاكس: 4080796


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved