بعد أن فكّكت مؤسسات السلطة الفلسطينية باجتياحاتها الإرهابية التي شملت كافة المدن والقرى الفلسطينية، بدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفذ مخططاً إرهابياً خطيراً، يتمثل في تفكيك وتدمير مؤسسات المجتمع الفلسطيني، كالمؤسسات المالية والاقتصادية والجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني. ففي سابقة خطيرة لم تحصل إلا من قبل منظمات الإجرام المنظم قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء يوم الأربعاء فجر الخميس الماضي بمهاجمة المصارف والبنوك في مدينة رام الله، في عملية مطابقة تماماً لما تقوم به عصابات المافيا، حيث اقتحمت عناصر مسلحة من القوات الخاصة الاسرائيلية فروع بنكي العربي والقاهرة عمان في مدينتي رام الله والبيرة، وبعد ان جمعت من كان متواجداً في مباني البنوك ثم حرزتهم حيث أخضعت موظفي البنوك للتحقيق والتفتيش وبعد التدقيق في حسابات ثلاثمائة وتسعين حساباً نهبت الأموال الموجودة في خزائن البنوك والتي بلغت قرابة الأربعين مليون شيكل، وحملت الأموال إلى العربات المدرَّعة تماماً مثلما يفعل رجال العصابات المسلحة، والحجة دائما جاهزة (مدَّعين) بأن الأموال المنهوبة تستعمل لتمويل العمليات ضد إسرائيل في حين تؤكد مصادر البنوك بأنها حسابات لمواطنين فلسطينيين وجمعيات خيرية تصرف على عوائل وأسر الفلسطينيين المحتاجين والأيتام الذين قتلت سلطات الاحتلال الاسرائيلي آباءهم.
القرصنة الإسرائيلية التي فاقت كل حدود الإجرام تندرج ضمن مخطط خبيث هدفه تدمير كل شيء في فلسطين، فبعد تدمير المؤسسات الرسمية من دوائر حكومية وإدارية وأجهزة أمنية هدفها خلق الفوضى، وتدمير البنى الأساسية للدولة الفلسطينية المرتقبة، دخلت الآن مرحلة أخرى تستهدف حرمان الفلسطينيين من نظام مصرفي يحتاجه أي مجتمع في العصر الحديث، ونهب البنوك يفقد الفلسطينيين نظامهم المصرفي ويحرم مئات الآلاف من الأسر الفلسطينية في تحويلات أبنائها الذين يعملون بالخارج لإعالة ذويهم المحاصرين داخل فلسطين، وهذا ما سيزيد من حجم الأزمة والمآسي التي تحاصر الفلسطينيين والذين يعيش أغلبهم دون خط الفقر. كما أن هذه القرصنة الاسرائيلية تؤكد أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تخضع لأي ضوابط أخلاقية ولا قانونية في ظل الصمت الدولي تجاه مثل هذه الأعمال التي لا يردعها احتجاج أو انتقاد لرفع العتب بل إجراء يفرض انصياع إسرائيل للمعاهدات والاتفاقيات التي تنظم العلاقة بين القوات المحتلة والشعوب التي تبتلى بالاحتلال.
|