Saturday 28th February,200411475العددالسبت 8 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

وعلامات وعلامات
والرجال يبكون..!
عبد الفتاح أبومدين

* هذا عنوان كتاب، يبلغ حجمه نحو ثمانمائة وخمسين صفحة، للكاتبة:(سعاد عثمان علي).. وتقليب هذا الكتاب الكثير الصفحات، ربما يحتاج إلى وقت، والكتابة عنه تتعدد صفحاتها، غير أني اليوم سأقف وقفة قصيرة مع جزء يسير جداً، وفي ظني أنه مهم، والسطور التي أتوقف عندها، في ص (230)، والعنوان ضخم إذ يقول: (اختيار الزوجة.. بالعقل أم بالقلب)، ولا أريد التوقف عند الاختيارين، وإنما وقوفي سيكون على كلمات جاءت في سطور قليلة.!
* تقول الكاتبة، وهي تقدم نصائحها لمن يفكرون في الزواج: وتدخل الأم والأخوات للانتقاء، وهناك المواصفات إلخ.. وتعلن الكاتبة أن كل الصفات المبتغاة مع التمسك بالدين والحياء والمهارة في البيت والطهو، والإلمام بتربية الطفل، وخير من تجمع كل تلك الصفات، هو الفتاة السعودية الخليجية).!
* أتوقف عند تلك الكلمات، وأرى أن الكاتبة تشيد ببنت جنسها، ومن حقها أن تفعل ذلك، وأنا سأحاورها من منطلقها هذا بكثير من التجرد، وأقول إنني أحترم بنات الوطن والخليج، غير أن لي وقفات، ولاسيما من خلال المقارنة بين زوجة الأمس، وزوجة اليوم، وسأجد أن ثم مسافة عريضة، بين أمهاتنا وبناتنا، وأنا لا أنفي متغيرات الحياة، وإنما المقارنة غير واردة البتة.!
* الشاعر يقول:«الأم مدرسة»، فهل أم اليوم صحيح أنها مدرسة؟ في تقديري أن النسبة التي تتوافر فيها -المدرسة-، التي عناها الشاعر، قليلة وشبه نادرة، وهذا الحكم ليس ارتجالياً، ولكنه صادر عن معايشة وعبر دراسات ومشاهد.! ودعونا من الحديث عن المرأة الموظفة في أي حقل من الحياة، ومع أنها تدخل في مشاكلة المسؤولية مع المرأة التي لا تعمل، فيما يختص بتربية الذرية، وكذلك شؤون البيت التي لا حدود لها، كلتاهما: العاملة وغير العاملة، تخلتا عن مسؤولية البيت أو عن أكثر المسؤوليات، والأدلة والشواهد أمامي وأمام غيري من الباحثين والدارسين والذين تشغلهم هذه الحال.!
* الخادمة، بل الخادمات، أصبحن كل شيء في البيت السعودي والخليجي بعامة، هن المربيات، إن صح أن لهن شيئاً من شؤون التربية، فهي تمارس (لي) ألسنة الأطفال الذين يعايشون هؤلاء الخادمات، ثم الطهو وغسيل الملابس، وإيقاظ الأطفال للمدرسة، وعونهم في ارتداء ملابس أو الزي المدرسي.. هذه كل المهمات التي تنهض بها خادمات البيوت، أما الأم، أما الأب، فهما بعيدان، عن هذه الشجون والشؤون.!
* ولا يدري، الآباء والأمهات، وأنا أتحدث عن الغالبية -، لايدرون عن سهر أبنائهم خارج البيوت، ولا مذاكرتهم لدروسهم، وانشغالهم أمام التلفاز والانترنت والجوال، ومحادثة الزملاء والزميلات.. إلخ.!
* وجيل اليوم من الشابات، ليلهن نهار، ونهارهن ليل، وطعامهن من مطاعم السوق، في فترة ما قبل الإنجاب، وكذلك في الشهور الأولى حين يكون عند الأسرة الصغيرة طفل أو اثنان، فإن الطريق إلى المطاعم العامة والصرف بلا حساب على وجبات، لا تتفق وما يُطهى في البيت، لأن الحياة تغيرت، بل الجيل هو الذي تغير..! والحياة في عمومها اليوم -إلا ماندر-، أسواق وسرحان وساعات طوال مع الفضائيات، والبركة في الخادمات، اللاتي وفرن شيئاً من الترف، وسيدة البيت جنحت إلى الخمول والاتكالية، وزينتها وصاحباتها، ورب الأسرة كما يقال سائر مع التيار، ليس له خيار ولا فقوس.!
* بودي أن أتحاور مع الكاتبة، وربما أتيح لي وقفة أو وقفات، ولكن لا يعنيني كثيراً أن الرجال يبكون، كما تقول الكاتبة، أو يضحكون، فسيان الحال عندي.!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved