* القاهرة - مكتب الجزيرة علي البلهاسي:
رغم الهزيمة الساحقة التي تلقاها الاصلاحيون في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في إيران الا ان نتائج الانتخابات لم تكن مفاجئة لكثير من المراقبين والمحللين والمتابعين لتطورات الاوضاع الداخلية في إيران خلال الفترة الماضية التي شهدت صراعا حادا بين المحافظين والاصلاحيين، بذل فيه اصحاب التيار الاول كل المحاولات لانهاء سلطة الاصلاحيين على البرلمان، وكانت هزيمة الاصلاحيين متوقعة حتى على لسان قيادتهم بعد منع المئات منهم من خوض انتخابات بقرار مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المحافظون والذي منع نحو 2400 مرشح اصلاحي من خوض الانتخابات، بينهم نحو 80 نائبا في البرلمان المنتهية ولايته، وهو ما ادى إلى مقاطعة احزاب وحركات اصلاحية للانتخابات وعلى رأسها ( جبهة المشاركة ) الحزب الاصلاحي الرئيسي الذي يتزعمه محمد رضا خاتمي، والذي تم منعه شخصيا من الترشيح، وحركة الطلبة الرئيسية المؤيدة للتيار الاصلاحي، هذا بالاضافة إلى ضعف نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات التي لم تتجاوز الـ 50 % وفق اعلى التقديرات، ومعظمهم من المؤيدين للتيار المحافظ، وكان الاصلاحيون يأملون ان تساعدهم نسبة الاقبال الكثيفة في الانتخابات على تحقيق ما وصفه الرئيس خاتمي من قبل بالمفاجأة، ولكن ضعف نسبة المشاركين صب في النهاية في صالح المحافظين الذين حققوا فوزا ساحقا.
ويرى العديد من المراقبين ان نتائج الانتخابات الاخيرة لا تعبر عن مجرد هزيمة للاصلاحيين والليبراليين، ولكن تمثل نكسة لمسيرة الاصلاح ذاتها او ربما بداية النهاية لموجة المد الاصلاحي التي اجتاحت إيران منذ تولي الرئيس محمد خاتمي السلطة في إيران منذ سبع سنوات، التي حاول خلالها خاتمي السماح بقدر اكبر من حرية التعبير وتخفيف القيود الثقافية والاجتماعية والإسلامية، وهي جهود حاول المتشددون عرقلتها في كل مناسبة؛ ولذا يعتبر المراقبون هزيمة الاصلاحيين في الانتخابات بمثابة ضربة قاضية لامال وتطلعات الاغلبية الكاسحة من الاجيال الشابة في إيران التي كانت ترى في التيار الاصلاحي المخرج الوحيد من المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها البلاد.
ازمة الإصلاحيين
ولعل القراءة المتأنية لنتائج الانتخابات الاخيرة تقودنا إلى حقيقة الازمة التي يعانيها التيار الاصلاحي في إيران، ويؤكد ذلك ما ذهب اليه بعض المراقبين من ان احجام العدد الاكبر من الشعب الإيراني عن المشاركة في الانتخابات كان السبب الحقيقي في هزيمة الاصلاحيين، ويقارن المراقبون بين الاوضاع التي شهدتها انتخابات العام الحالي والاوضاع التي شهدتها انتخابات عام 2000 التي حقق فيها الاصلاحيون فوزا كاسحا رغم سيطرة المحافظين على مقدرات الامور في البلاد، ويقول المراقبون: ان زيادة المشاركة الشعبية في انتخابات 2000 بنسبة 67 % ساهم في قلب الموازين لصالح الاصلاحيين الذين سيطروا على 210 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 290 مقعدا.
وبعيدا عن نظرية المؤامرة التي يذهب البعض اليها بقولهم: ان المحافظين خططوا لاخراج الاصلاحيين من الحياة السياسية، يرى بعض المراقبين ان جهود المحافظين في هذا المجال قد تكون اتت بعض النجاح، مشيرين إلى ان هناك ازمة بالفعل يعاني منها التيار الاصلاحي في الشارع السياسي ساعدت على تسهيل مهمة المحافظين في محاصرة نفوذ الاصلاحيين داخل البرلمان، ويقول المراقبون: ان انتخابات مجالس البلدية التي جرت في فبراير 2003 كانت دليلا واضحا على ذلك، وقد وصفت هزيمة الاصلاحيين في هذه الانتخابات وقتها بانها صفعة قوية وجهها الشعب للتيار الاصلاحي.
وكشفت هذه الهزيمة عن تحديات حقيقية يواجهها التيار الاصلاحي في أي انتخابات قادمة، وتوقع المراقبون هزيمة الاصلاحيين في الانتخابات البرلمانية لعدة اسباب، منها ضعف المشاركة الشعبية وعزوف الكثيرين ممن يحق لهم التصويت عن المشاركة في الانتخابات، وارجعوا سبب عدم مشاركتهم إلى عدم تحقيق مطالبهم على يد القوى الاصلاحية خلال فترة وجودهم في الحكم، وهو ما جعل الشارع الإيراني يشعر بوجود حالة انسداد سياسي، مما ضاعف من الاحباط واليأس الذي دفع إلى مقاطعة كبيرة للانتخابات، وعزز من ذلك التزام عدد كبير من الاصلاحيين بقرار مقاطعة الانتخابات.
|