لا يزال الكلام عن غلاء المهور من أحاديث المجالس، والقصص حول ذلك كثيرة إلا انني اكتفي بذكر هذه القصة الواقعية والكثيرة الحدوث.. كانت فتاة في مقتبل عمرها لم تبلغ الرابعة عشرة بعد ولم تعرف عن الحياة الا انها بسمة وحسب، على وجهها براءة الاطفال وفي عينيها نظرة أمل، مفرطة الحياء، عاشت بين أذرع والدتها يرفرف على جبينها الخير السعادة.. ولكن الحياة في تقلبها لم تدعها في أنسها فقد تقدم لخطوبتها شخص كان عمره يربو على الخمسين سنة، كان والدها يلحظ جيب صاحبه وما سيقدمه من مبلغ يؤمله، اتفق الطرفان على ما اتفقا عليه وانتهى كل شيء بزفاف الفتاة على زوجها دون رضاها أو أخذ رأيها فلم يلتئما بزواجهما، ظلوا على هذه الحال شهور، لما رأت الفتاة أن زهرة شبابها قطفت وأيقنت أن لا مفر لها وحتم عليها البقاء، لكن الايام ازدادت في تقلباتها نحوها بعد أن أسكنها زوجها في بيت مع أبنائه الذين ماتت أمهم.
جعلت تقوم بإدارة المنزل وحدها دون معين أو مساعد لها حتى أضناها التعب ولكنها مع ذلك تحملت وصبرت ولم تكمل مدة مع زوجها حتى أتاها الرحيل إلى بلد ناء عن بيت والدتها التي كانت تلقي عليها بعض النصائح وتعدل ما يصدر من أخطائها.
ليس في هذا البلد الجديد أحد من أقاربها لتأوي إليه عند النوائب إلا عمها الوحيد، حدث ما عكر صفو المسكينة من اعتداء على حليها من أبناء هذا الزوج وكلما حاولت اخبار زوجها أنبها واعتبرها هي الظالمة وهددها بالضرب اذا لم تتبع ارضاء أولاده وتعمل ما يحلو لهم دون أي تردد وعندما عرف أبناؤه تأييده لهم أخذوا ينبرون إليه بالشكاوى ضدها فيعاقبها بالضرب، لم تتحمل أكثر من ذلك فهربت إلى بيت عمها وظلت تقيم عنده اليوم واليومين ثم تعود مهمومة ولخليق أن يكون عمها بمثابة والدها فسعى للم الطرفين ولكن محاولاته باءت بالفشل حيث لا اذن تسمع ولا عقل يعي فبعث لوالدها يستقدمه للنظر في القضية..
حضر الأب ورأى ابنته زهرته اليانعة وقد ذبلت توجه للمحكمة وعرض على القاضي القضية واستدعى الزوج القاسي وانتهت القضية بانفصال الزوجين..
ترى من المسؤول في هذه القضية، الزوج أم الام أم الاب؟! وما هي النتيجة التي مني بها الاب وابنته، انها حزن الاقرباء واتعاس فتاته التي ستظل تتذكر ذكراها السوداء الاليمة التي أودت بشبابها.
البكيرية ع.ص |