تلقت «من قبة الشورى» رسالة مطولة من أحد المقيمين بالمملكة تفاعلاً ما طرح حول مقترحات تعديل الجنسية العربية السعودية التي يناقشها مجلس الشورى منذ فترة وساق في رسالته عدداً من المقترحات والمحاور حول تلك المقترحات، متمنياً أن تحظى باهتمام أعضاء المجلس وهذا نص الرسالة:
الأستاذ / أسامة النصار..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
اطلعت بكل سرور على صفحة «من قبة الشورى» بصحيفة الجزيرة الغراء العدد «11418» بتاريخ 10/11/1424هـ الموافق 2/1/2004م وحول موضوع التفاعل في أروقة مجلس الشورى الموقر لملف التعديلات على نظام الجنسية العربية السعودية، نتقدم إلى مقامكم العزيز بالشكر والتقدير والعرفان لما تبذلونه من جهود في هذا المجال، كما أرجو أن تسمح لي أن أضع بين أياديكم الكريمة وأمام أنظاركم موضوع شريحة من المقيمين بالمملكة الذين أقاموا إقامة طويلة ومتصلة على هذه الأرض الطيبة والذين يطالبون بمنحهم شرف الحصول على الجنسية العربية السعودية أو على الأقل منحهم إقامات دائمة بمميزات استثنائية تفرق بينهم وبين المقيمين الطارئين.
كما أود أن تسمحوا لي بعرض الآتي حول هذا الموضوع:
إن هذا الموضوع يخص الآلاف من جنسيات عربية وإسلامية منهم من أقام إقامة طويلة ومتصلة منذ السبعينات أو الثمانينات أو التسعينات الهجرية والبعض منهم منذ الستينات الهجرية، ومنهم من ولد ونشأ وتعلم وعمل وتزوج ورزق بذرية يمثل أبناؤه الجيل الثالث من هؤلاء المقيمين على هذه الأرض المباركة، عاشوا متآخين مع أبناء هذا البلد وشركاء لهم في الوفاء والولاء والحب لهذه البلاد، انهم يلبسون ما يلبس أبناء هذه البلد ويأكلون ما يأكلون ويتحمسون لهذه البلاد مثل ما يتحمس لها مواطنوها ويرددون أناشيدها وأغانيها ويدفعون عنها في جميع المحافل ويشجعون منتخباتها ويتنافسون على تشجيع أنديتها الرياضية وينطقون بلسانهم وبلهجاتهم المتعددة، وهم لا تربطهم ببلدانهم الأصلية سوى جوازات السفر التي يحملونها وعندما يقدر لأحد منهم السفر إلى بلده الأصلي يشعر بالغربة هناك وسرعان ما يحن إلى بلد المولد والمنشأ وهذه حقيقة وليست مبالغة ومع ذلك كله فهم ليسوا سعوديين فهم محرومون من دخول أبنائهم للمدارس والجامعات الحكومية ومحرومون من العلاج بالمستوصفات والمستشفيات الحكومية بل إنهم مهددون بفقدان وظائفهم سواء في القطاع العام أو الخاص التي هي مصدر رزقهم بعد الله سبحانه وتعالى في ظل الأنظمة الجديدة ومن لديه نشاط تجاري أو صناعي مهدد بفقده من نظام التستر في أي لحظة ومن لديه عمارة تؤويه هو وأسرته ويقتات منها مهدد بفقدها في أي لحظة كذلك.
بمعنى أن حياتهم عبارة عن قلق، اضطراب، معاناة، عدم استقرار، عدم طمأنينة، وبمناسبة مناقشة مجلس الشورى الموقر للتعديلات على نظام الجنسية العربية السعودية أرجو أن تسمحوا لي بأن أضع بين أيديكم هذا الموضوع.
إن نظرة على الخريطة العائلية لهذه الفئات تجد العجب العجاب تجد عند البعض نصف العائلة سعوديين والنصف الآخر غير سعوديين، وهم داخل منزل واحد فهل من سبيل إلى إنهاء معاناة هؤلاء ولمّ شمل تلك الأسر المتفرقة هوياتها وإنقاذ البعض منهم من الضياع؟
اسمح لي يا سيدي هنا بالتساؤل: أليست البلاد بحاجة إلى سعودة جميع المهن ابتداء من الطبيب، إلى المهندس، إلى المحاسب، وإلى المحامي في جميع المجالات مروراً بالصيادلة والممرضين والممرضات والاداريين والاداريات والبائعين إلى الحرفيين في مختلف المهن؟ والكثير من أفراد هذه الفئات المذكورة أدناه لديهم المؤهلات والخبرات اللازمة لشغل هذه المهن وأعتقد أن سعودة تلك المهن بهذه الطريقة سوف يخفض حجم تحويلات العمالة الوافدة وكذلك سوف يقضي على التستر التجاري والصناعي والمهني، كما أعتقد أن الجهات المختصة لو نظرت إلى تحويلات أفراد تلك الفئات إلى خارج المملكة لوجدتها شبه معدومة بنسبة «90%» من أفرادها بسبب بسيط أنهم لا يعرفون وطناً غير هذا الوطن.
الموضح أدناه فئات المقيمين بالمملكة التي تعتبر متضررة من نظام الجنسية الحالي التي نراها تستحق النظر لها بعين الرحمة والعطف من أجل تعديل أوضاعها الحالية وهي:
الفئة الأولى: المقيمون إقامات متصلة في هذه البلاد منذ الستينات إلى التسعينات الهجرية.
الفئة الثانية: المقيمون الذين ولدوا لأب وأم غير سعوديين على أراضي هذه البلاد وقد درسوا وعاشوا وأقاموا إقامة متصلة وعملوا وتزوجوا بها وحرموا من الحصول على الجنسية السعودية لأسباب خارجة عن ارادتهم «مثل عدم التقديم بطلب الجنسية في الوقت المحدد للتقديم أو انقطاع الاقامة لفترة من الزمن».
الفئة الثالثة: المقيمون المتزوجون من سعوديات ولهم إقامة متصلة على أراضي هذه البلاد بما يقارب خمسة وعشرين إلى خمسين عاماً وقد رزقوا بذرية من الأولاد والبنات من هذا الزواج «إن أبناء هذا المقيم من هذا الزواج يحصلون على الجنسية العربية السعودية والزوجة في الأساس سعودية أما البنات المتزوجات من سعودي فيصبحن سعوديات بحكم هذا الزواج، ويبقى هو غير السعودي الوحيد في العائلة رغم إقامته الطويلة بالمملكة، بينما زوجة السعودي غير السعودية المولودة خارج المملكة التي عاشت حتى بلغت الثلاثين من عمرها تحصل على الجنسية العربية السعودية بمجرد زواجها من شخص سعودي بغض النظر عن مدة إقامتها بالمملكة».
الفئة الرابعة: المقيمون الذين ولدوا ونشأوا ودرسوا وعملوا على أراضي هذه البلاد من أب غير سعودي وأم سعودية وحرموا من الحصول على الجنسية السعودية لأسباب خارجة عن إرادتهم «مثل عدم التقديم بطلب الجنسية في الوقت المحدد للتقديم أو انقطاع الإقامة لفترة من الزمن».
الفئة الخامسة: المقيمون الذين ولدوا خارج المملكة لأب غير سعودي وأم سعودية بحكم وجود مقر إقامة الأب ثم أقاموا بالمملكة وحرموا من الحصول على الجنسية السعودية لهذا السبب.
الفئة السادسة: أبناء القبائل التي نزحت الى المملكة ويحملون بطاقات الاقامة السعودية بمعرفة شيوخ وأمراء تلك القبائل.
الفئة السابعة: أبناء الجاليات السعودية المتواجدة في الخارج وأبناؤهم وبناتهم المتزوجات من غير السعوديين المتمتعون بجنسية أخرى والراغبون في استرداد جنسية أجدادهم العربية السعودية.
الفئة الثامنة: النساء المتزوجات من سعوديين ولديهن أطفال ولم يحصلن على الجنسية السعودية بسبب وفاة أزواجهن أو طلاقهن منهم أو تعنتهم بعدم التقديم لهن لدى الأحوال المدنية.
الفئة التاسعة: البنات المولودات لأب غير سعودي وأم سعودية حيث تحصل المتزوجة منهن من سعودي على الجنسية السعودية أما المتزوجة من غير السعودي فتحرم منها فيما الأولاد الذكور يحصلون على الجنسية السعودية حسب المادة الثامنة من نظام الجنسية بغض النظر عن زواجه من سعودية أو غير سعودية بل تحصل زوجته الاجنبية على الجنسية السعودية بحكم زواجها منه.
الفئة العاشرة: الأبناء الذين هجرهم آباؤهم أو توفوا دون أن يتركوا لهم ما يثبت هويتهم وهم يعيشون على هذه الأرض الطيبة الآن مجهولين الهوية وظروفهم المعيشية صعبة للغاية لهذا السبب.أرجو أن تسمحوا لي بتقديم بعض المقترحات لإنهاء معاناة هذه الفئات الى مقامكم الكريم وأرجو ان يتسع صدركم لها وأن تلقى قبولكم واستحسانكم وهي:
أولاً: نتمنى أن تقوم الجهات المختصة بدراسة مسحية إحصائية اجتماعية شاملة لهؤلاء وأبنائهم وأسرهم.
ثانياً: نرجو أن تقوم الجهات المختصة بحملة تجنيس معلنة ولفترة محدودة لغرض قفل هذا الملف نهائياً تنهي معاناة تلك الفئات المقيمة منذ الستينات إلى التسعينات الهجرية في ظل ضوابط شرعية وأمنية وقانونية.
ثالثاً: نأمل في حالة تعذر تجنيس بعض من هذه الفئات منحها اقامات «متميزة ودائمة برسوم رمزية معفية من شرط الكفيل» يحق لحاملها العمل لدى القطاعين العام والخاص وتتيح فرصة دخول أبنائها للمدارس الحكومية والعلاج لدى المستوصفات والمستشفيات الحكومية، اضافة إلى حق مزاولة التجارة والصناعة في جميع المجالات وتملك العقار سواء بغرض الاستثمار أو السكن وحق تملك الشاحنات وسيارات الاجرة بغرض العمل عليها داخل وبين المدن وحق مزاولة أصحاب المهن الحرفية لمهنهم بعد حصولهم على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة.
أرجو من سعادتكم التكرم بالاطلاع والتفضل بتناول موضوع هذه الفئات عبر صفحتكم المتميزة كسباً للأجر والثواب ومن باب الشفاعة الحسنة وبمناسبة مناقشة مجلس الشورى الموقر للتعديلات على نظام الجنسية العربية السعودية وهؤلاء هم أخوان لكم في العقيدة والعروبة وهم منكم واليكم وبكم، وربما تناولكم لهذا الموضوع الانساني يفتح لهؤلاء «آفاقاً جديدة للحياة».
أملنا بعد الله في رجال الثقافة والصحافة والإعلام الأفاضل امثالكم من اجل إيصال أصوات هؤلاء المستضعفين لولاة الامر في هذه البلاد المباركة أدام الله عزهم ولأعضاء مجلس الشورى الكرام عند مناقشتهم لتعديلات نظام الجنسية المنظورة أمامهم للنظر في المقترحات المذكورة أعلاه التي تخص أوضاع تلك الفئات المقيمة ووضعها في الاعتبار، وانتم المعروفون بانسانيتكم وطيبتكم وسعيكم لفعل الخيرات ودعمكم ما استطعتم الى ذلك سبيلا هذا والله يحفظكم ويرعاكم.. وتقبلوا فائق التحية والاحترام..
صالح بن عبد الله بن صالح بامخشب
|