بطبيعة الحال لم يخلق كل البشر كي يستطيعوا الكتابة، ولا أقصد بالكتابة عملية محو الأمية، وإنما الكتابة كفن ليقرأها الآخرون، فكتابة المقال فن، وكتابة القصة فن، وكتابة الرواية فن، وكتابة الخاطرة فن، وكتابة التعليق فن إلى ما هنالك من فنون تدخل مجال النصوص كلها، ولها أصحابها والمبدعون بها.
ولكن قد يستسهل البعض الكتابة، ويأتي إلى قصدها، وهو ليس أهلاً لها، فيسيء لنفسه ولغيرها وبالطبع يسيء لفن الكتابة ككل، والبعض رأى الكتابة منفذاً لتحقيق مصالحه الأنانية الشخصية فعرف طريق المدح سبيلاً للوصول، وطريق التملق ممهداً للتحليق نحو الأعلى (كما يظن)، وصارت الكثير من الصحف والمجلات وحتى الكتب تعج بأمثال اولئك المتطفلين على فن الكتابة، وصارت الأقلام تئن من وطأة الايدي الثقيلة والدماء الباردة التي تشتريها، وصار القارئ يمل النظر حتى إلى الكثير من الكتابات بسبب تفشي وانتشار ظاهرة الكتبة الانتهازيين.
إن هذه العملية تقتل الابداع، فالمبدع يجد نفسه وسط بحر من الحيتان الهائجة المائجة التي تريد ابتلاعه وتثبيطه والتهامه، والأخطر من ذلك هي تريد من وراء ذلك سواء بشكل مباشر اغتيال فن الكتابة من على مسرح الحياة، والأسوأ هو عندما تشتري الصفحات وتستهلك الأوراق وتدفع الفلوس من اجل نشر كلام فارغ لا يسمن ولا يغني من جوع!
هل هذا ما نريد؟ بالطبع لا، ولابد أن يبقى فن الكتابة محترماً. وذا هيبة، ولابد من قرارات لا تسمح للمتطفل باستغلال صفحات هنا او هناك لنشر ما يراه بنظره الضعيف وأسلوبه القاصر الهزيل.
إن أمثال هؤلاء الضعاف يسيئون أحياناً لأمتهم وبلدهم فكم من كاتب كتب عبارات نابية وأساء للآخرين عن قصد أو من دون قصد لأنه لا يعرف أسلوب الخطاب. والله المستعان.
|