* فلسطين المحتلة - بلال أبو دقة:
قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن الدوائر الأمنية في اسرائيل، رصدت خمسين إنذارا ساخنا بوقوع عمليات فدائية داخل المدن الاسرائيلية، بعد عملية القدس التي وقعت الأحد الماضي، والتي سقط فيها ثمانية قتلى وما يقارب الخمسين جريحا.
وبحسب الإذاعة الاسرائيلية ذاتها، فقد أعلنت الشرطة العسكرية الاسرائيلية حالة الاستنفار القصوى، وقامت بإغلاق المدن الكبيرة، وكثفت من تواجدها في التجمعات التي يمكن أن تكون أهدافا لعمليات جديدة.. وأفادت الإذاعة في نبأ رصدته الجزيرة أن أفراد الشرطة وحرس الحدود في اسرائيل، انتشروا في الشوارع الرئيسية، ونصبوا الحواجز، وقاموا بتفتيش السيارات والحافلات بحثا عن فدائيين محتملين.
وكانت مصادر أمنية في اسرائيل أكدت لصحيفة هآرتس الاسرائيلية: أنه تم إفشال (284 عملية فدائية) كان يعتزم الفلسطينيون تنفيذها، في حين تقول المصادر: تم تنفيذ (45 عملية فدائية).
وفي هذا السياق، تساءل نائب وزير الأمن الإسرائيلي (زئيف بويم) يوم (الثلاثاء) الماضي ما إذا كان الخلل الوراثي هو السبب الذي يؤدي ب (المتطرفين الإسلاميين) إلى تنفيذ عمليات إرهابية، على حد قوله. وأضاف بويم قائلا: أنه في ضوء هذه الظاهرة الفظيعة التي يمارس فيها الإرهاب ضد الأبرياء، تطفو على السطح تساؤلات كثيرة من بينها: ما الذي يحرك أولئك (المتطرفين الإسلاميين) لانتهاج هذا السلوك.؟ هل هو سبب ديني..؟ خلل وراثي..؟ أم حضاري..؟
ودعم رئيس لوبي المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة، العنصري المتطرف (يحيئيل حزان) تصريحات نائب وزير الأمن الإسرائيلي هذه ووصفها بأنها صحيحة مائة بالمائة، مضيفاً: إن قتل اليهود هو مسألة راسخة في دماء العرب، وهذا هو ما تعنيه مقولة يمنع إدارة الظهر للعربي، لأنه سيطعنك بالسكين.. لا يمكن ائتمان العربي حتى بعد أربعين سنة من موته.!! وعقب عضو الكنيست الإسرائيلي، (أفشالوم فيلان) من حزب ميرتس اليساري الداعي إلى تحقيق السلام مع الفلسطينيين على ما قاله نائب وزير الأمن الإسرائيلي بالقول: إن هذا التصريح يعتبر عنصريا ويحظر إسماعه.. لقد طرحت طيلة المئات من السنين ادعاءات عنصرية بشأن وجود خلل وراثي عند اليهود.. إنني أطالب نائب الوزير بالتراجع عن أقواله..
كما طالب عضو الكنيست، طلب الصانع، رئيس الحكومة أريئيل شارون بإقالة بويم من منصبه فورا، قائلا: إن إجراء امتحان ذكاء لنائب وزير الأمن الإسرائيلي، سيثبت أنه يعاني من تشويشات نفسية.
ليسوا شواذاً، لديهم استعداد لتغيير واقع الغبن وفي هذا السياق أكد العديد من المعلقين الإسرائيليين في مقالات وأحاديث صحافية ونتائج دراسات إسرائيلية رصدتها الجزيرة على أن جميع الشعب الفلسطيني سيتحول إلى فدائيين يفجرون أنفسهم في دولة الاحتلال (اسرائيل)، مشددين على فشل الأجهزة الأمنية الاسرائيلية في رسم سمة الاستشهاديين، ومنعهم من الوصول إلى أهدافهم.. واللافت للنظر أن عجز الدولة العبربة عن وقف العمليات الفدائية، قد فتح الجدل على مصراعيه حول الأضرار المأساوية التي يتسبب بها الاحتلال للمجتمع الإسرائيلي من الداخل.. المعلق السياسي والكاتب المسرحي الإسرائيلي الشهير (يرون لندن) قال: إن الأجهزة الأمنية الاسرائيلية فشلت في رسم سمة الاستشهاديين، مؤكدا على أن جميع أبناء الشعب الفلسطيني قد تحولوا إلى جيش كبير من الفدائيين.وقد نقلت الصحيفة الاسرائيلية عن مصدر عسكري إسرائيلي قوله: إن المنظمات الفلسطينية هي الخطر الرئيسي على دولة إسرائيل، مضيفاً: أنه لم يطرأ أي تغيير على استعداد المنظمات الفلسطينية للعمل على إخراج عمليات إلى حيز التنفيذ، إلا أنهم يواجهون صعوبات كثيرة بسبب عمل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.وفي هذا السياق يقول الكاتب الإسرائيلي (يرون لندن): في البداية حملونا على التصديق بأنه ليس منفذو العمليات هم جذر الإرهاب، بل مرسلوهم من قادة المنظمات، ولكن على مدى ثلاث سنوات نحن نحترم قادتهم وهم ينجحون. مضيفا: علماء النفس في اسرائيل رسموا ملامح للاستشهاديين (شبان، يائسين، مهتزون نفسياً، مصابون بالتزمت الديني)، ولكن يقول الكاتب الإسرائيلي: تبين أن الاستشهاديين ليسوا شواذا في المجتمع الفلسطيني، وان مخزون الشهداء لا ينضب.. العملية في حاجز أيرز (بيت حانون) قامت بها شابة فلسطينية (ريم الرياشي) هي أم لطفلين.. والاستنتاج يقول الكاتب: هو أن التمييز بين المحرَّضين والمحرضِّين ليس ساري المفعول، جميع الفلسطينيين مستعدون للموت على أن يميتوا اليهود المحتلين..
أما الكاتبة اليهودية (ايلانا هوفمان) تقول: إنه لأمر طبيعي أي يهب أي إنسان لقتل الذين يقتلونه، مضيفة: انه من النفاق إن يدعي عدد من قادة اسرائيل استهجان أن تقوم أم فلسطينية بتنفيذ عملية فدائية ضد قواتنا، انه لأمر طبيعي أي يهب أي إنسان لقتل أولئك الذين يقتلونه ويسلبونه الحق في العيش بكرامة، ولا يغير الأمر كثيرا إن كان الحديث يدور عن شاب أو رجل أو طفل أو عجوز، أو أم ترعى اولاداً.. وتضيف الكاتبة اليهودية في تعليق للإذاعة الاسرائيلية رصدته الجزيرة: إن الذين يبدون استعداداً لتغيير واقع الغبن، ليسوا من الرجال فقط، بل النساء أيضاً..
أما الصحافية الاسرائيلية (عميرة هاس)، فتختلف مع النخب العسكرية والسياسية في اسرائيل، تقول: إن تفسير النخب الحاكمة في اسرائيل، توجه الفلسطينيين لتنفيذ العمليات الفدائية، بأنه بسبب تراثهم الديني أو ثقافة المجتمع الفلسطيني، هو تفسير خاطئ ومضلل، مشددة على أن الاحتلال والرغبة الطبيعية والشرعية في التخلص منه هو الدافع لذلك..
وكتبت الصحافية الاسرائيلية (عميرة هاس) في وقت سابق بصحيفة هآرتس الاسرائيلية تقول: يرفض قادة اسرائيل العسكريون والسياسيون ربط ظاهرة الفدائيين بوجود الاحتلال، ويبحثون عن تفسيرات دينية وتراثية فلسطينية، والأصح أن هذه الظاهرة وليدة الاحتلال، الذي لم يترك للفلسطينيين أملاً في الحياة الكريمة. وتتساءل الكاتبة (هاس)، قائلة: كيف تسنى لتنظيم صغير مثل حركة الجهاد الإسلامي، تجنيد هذا العدد من الفدائيين؟! إن الفدائيين والفدائيات في فلسطين يشعرون انهم يمثلون مجتمعهم، وهذا هو سر قوتهم.
هذا ويعتقد عالم النفس الإسرائيلي (الدكتور يسرائيل أورون) المختص في حوادث الانتحار بخطأ الفرضية السائدة التي تقول بأن الفدائي الفلسطيني الذي ينطلق لتنفيذ عملية تفجيرية يكون مصمماً على الموت..ويؤكد (أورون) في بحث سيكولوجي نشرت نتائجه مؤخراً في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، على أن الفدائيين الفلسطينيين الذين يخرجون لتنفيذ عمليات لا ينشدون الموت بل ينشدون الحياة.أما الدكتور (نعومي يدهتسور) من مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في جامعة حيفا، فقال مؤخرا في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي، بعد أن أنهى دراسة حول شخصية الفلسطيني الفدائي الذي يقدم على تفجير نفسه: يصعب على الجيش حل مشكلة العمليات الفدائية، فخلال أيام معدودة بعد انتهاء عملية السور الواقي في نيسان- أبريل 2002 عاد الفدائيون الفلسطينيون إلى الشوارع.. فهم لن يتركوننا نحصد ثمار هذه العملية.ومما قاله (يدهتسور) كان جميع الاستشهاديين حتى نهاية عام 2001 من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وبعد هذه الفترة نفذت العمليات من قبل أفراد تنظيم فتح والمقاومة الشعبية.. إلا أن المتدينين على حد قوله ظلوا في الصدارة.. وبين المنفذين (61 %) أعضاء في الحركات الدينية، (60 %) لم يكونوا ذوي ماضٍ في المقاومة، كما وأن (53) منهم كانوا ذوي دراسات عليا، (58) ذوو تعليم ثانوي، (42) غير متعلمين ، (103) من الفئة العمرية ما بين (17 - 23) سنة، (134) استشهادي لم يكونوا متزوجين، (19) منهم متزوجون ولديهم أبناء.
وأكد الخبير الإسرائيلي (يدهتسور) على أن هذه العمليات هي الأكثر فتكاً.. ففي إحدى الاستطلاعات، التي اجريت في اسرائيل قال: (80 %) من الإسرائيليين يخافون من التضرر المباشر من العمليات الفدائية، والتي تشكل تهديداً استراتيجياً يعصف بهم في أي مكان يتجهون إليه..
|