سر جماله في براءته.. وكنز براءته في طفولته منبع طفولته من شغبه.. بلغ الرابعة عشرة همام ومازال متعب في إيقاظه من النوم.. أرجو أن تجد حلاً مع ابنك.. فأنا مسؤولة عن إعداد الطعام وغيره من المهام فليس كل وقتي مكرس لهمام.. حسناً .. حسناً ، سأجلعه اليوم يخلد للنوم باكراً فلعل هذا يخفف من وطأته عليك.
بسط الليل أجنحته السوداء على القرية التي ألبستها المآسي شر سربال.. فهجع الأحياء وفي مقدمتهم همام إلى أن امتد لسان الصباح وألحف الجو الضياء.. فهرعت الام لايقاظ ابنها فلم تتمكن - كالعادة - من ذلك إلا بعد كر وفر.. وقبل خروجه إلى المدرسة طبع على خد أمه قبلة حانية ووعدها بالخير حتى لا يجهد والده المسن المريض عناء ذلك.
فواصل همام طريقه بهمة.. وما إن شارف على الوصول للمدرسة.. حتى تصدعت السماء باللون الرمادي وأصوات الإسعاف ملأت جنبات المكان فهرول مسرعاً كالخيل في المضمار وكأن من حوله يهتف بدار بدار إلى أن جُمد في مكانه بغتة من هول ما يرى.. فمدرسته أصبحت نسياً منسياً.
لقد قصفت فجر هذا اليوم هذه المدرسة وحتى الآن لم يتسن لنا معرفة الضحايا هذا ما قاله المذيع! وهمام على مقربة منه.. فرجع من حيث أتى.. وهو في حالة يرثى لها والدمع قد جف من كثرة البكاء .. فلم ينس رغم ذلك إحضار الخبز وأكمل طريق العودة .. وصل.. رفع رأسه.. فإذ به يرى منزله قد اختارت إحدى الطائرات قصفه فأصبح حطاما فجمد في مكانه كصنم من الأصنام فرثى لحاله الحاسد والشامت.. ثم بدأ يتكلم والخبز يتناثر بين يديه ودموعه تنهمر على خديه لم تهدأ وبمسمع من الجميع قال:
مهلاً بربكم.. منزلي .. مدرستي
من ضمن قائمة الإرهاب
|