اطلعت على مقالة الأستاذ عبد الهادي الطيب على صفحاته المتميزة (الرأي) بعنوان (ورحلت أمي) وبالرغم من أن هذا الرجل بطيبته المتناهية، كان كثيرا ما يوبخني على مقالاتي التي تحمل صبغة الحزن والألم إلا أنه فطر قلوبنا بمرثيته لوالدته رحمها الله وأسكنها فسيح الجنان.
يا أخي عبد الهادي.. من منّا لم تطرق بابه قافلة الألم وتحمل معها سعادتنا إلى المجهول.. من منّا لم يكابد مرارة الرحيل وعذاب الفراق وموت الأحبة.. الموت ذلك البليغ من صمته.. العاصف في سكونه.. الساخر مِمّن حوله.. إنه أيها الطيب لا يتفاوض في أمر.. ولا يراعي أي خطر.. ولا يساوم على أمر، ولكن نحمد الله ونشكره أن جعل بين جنباتنا قلوباً مؤمنة بقضاء الله وقدره مدركة أن نهاية البشرية إلى فناء، وأن الله خلق الموت والحياة لحكمة بالغة ليعلم أينا أحسن عملاً.. أدرك جيداً يا أخي عبد الهادي عمق الألم الذي تشعر به والحزن الذي يملأ شهيقك وزفيرك، وأعلم يقينا أنه ليس بعد الرحيل كلام يقال، فالموت أبلغ من كل شيء، وهو يعبر بلاشك عن حطام النفس وحزنها برحيل عزيز غالٍ، ماذا حينما تكون الراحلة هي الأم؟!! أدعو الله جلت قدرته أن يتغمدها بواسع رحمته، وأن يلهمك الصبر والثبات، وأن تكون آخر أحزانك.. إنني لا أواسيك لأنني مدركة تماماً أن الموت بالذات ليس فيه مواساة، فهي لن تعود حتى أدفعك للصبر الذي يليه، انتظار، ولن تعمر حتى تعيش في كنفها مدى الحياة هذه سنة الله في خلقه، ولعلنا ندرك يقينا أن كل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر إلا الحزن يولد كبيرا ثم يصغر.. عليك بالدعاء فأبواب المولى مشرعة وهو جلّت قدرته يدعونا دائماً هل من داعٍ فأستجيب له، إنه جواد وهو القادر أن ينزل عليك نعمة السلوان والصبر والثبات وهو عدل.. لا يقول إلا عدلاً، ولا يأمر إلا بعدل، فدعونا نتجه إليه جميعاً عله يتقبلنا ويغسلنا من الهموم بالماء والثلج والبرد.
(الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن إن ربنا لغفور شكور)
فوزية ناصر النعيم/ عنيزة |