Thursday 26th February,200411473العددالخميس 6 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الإنفلونزا تنتشر في مجتمعنا وتستنزف مئات الملايين.. فلماذا لا نتصدى لها؟! الإنفلونزا تنتشر في مجتمعنا وتستنزف مئات الملايين.. فلماذا لا نتصدى لها؟!
د. عبدالإله ساعاتي

رغم أن منظمة الصحة العالمية أفرحتنا بتأكيدها على أن فيروس انفلونزا الطيور لم يتحول بعد إلى شكل يتمكن خلاله من الانتقال بسهولة من إنسان إلى آخر، حيث إن خبراء علم الفيروسات لم يعثروا على أية جينات بشرية في عينات الفيروس التي أخذت من مصابين بالمرض.
إلا أنها عادت لتفزعنا عندما حذرت من أن الملايين قد يهلكون في كل أنحاء العالم إذا ما اندمج فيروس انفلونزا الطيور (اتش 5 ن أ) مع فيروس الإنفلونزا البشرية.
**ولكن بعيداً عن انفلونزا الطيور أود هنا تناول الانفلونزا البشرية التي تنتشر انتشاراً مريعاً خلال هذه الأيام من كل عام بسبب ظروف الحج وأيضاً بسبب تقلبات الجو.
يقول الدكتور طارق جمال :إن الانفلونزا من أكثر الأمراض شيوعاً في موسم الحج حيث التلوث البيئي الحاصل أثناء فترة الحج لكثرة الناس وازدحام المكان وكثرة السيارات، وما تسببه عوادمها والغبار والاتربة والمواد الحافظة الكثيرة التي يستخدمها الحاج في أكله وشربه وتعطير المكان بالبخور والبخاخات المعطرة ودخان سجائر بعض الحجاج المدخنين والمواد المصنعة منها الخيام والأثاث.
**ومع التأكيد على الأهمية والأولوية لصحة الإنسان، إلا أننا عندما نتناول البعد الاقتصادي لهذا المرض، نجد أنه ليس من الغلو القول بأن الانفلونزا تتسبب في هدر الملايين من الريالات سنوياً وتؤثر سلباً على الناتج الوطني للبلاد.
مبالغ طائلة تنفق للاستطباب من الانفلونزا ونزلات البرد في المستشفيات والمستوصفات وعلى الأدوية في الصيدليات ولو قدر عدد المصابين بالانفلونزا بمليون فرد - مثلاً - وانفق كل فرد من هؤلاء مائة ريال تكلفة مراجعة الطبيب والأدوية لبلغ إجمالي المبلغ المنفق مائة مليون ريال، علماً بأن عدد المصابين بالانفلونزا أكثر من هذا العدد، ذلك أن عدد حجاج الداخل لوحدهم بلغ نحو مليون حاج، والمصابون بالمرض من هؤلاء الحجاج عندما يعودون ينقلونها إلى مخالطيهم.
* *التكلفة الأخرى غير المباشرة الناجمة عن انتشار الانفلونزا، هي تكلفة غياب الموظفين والموظفات عن الدوام جراء إصابتهم بالانفلونزا ونزلات البرد أو غياب الأمهات الموظفات لرعاية أبنائهن المصابين بالانفلونزا، وهذه التكلفة تقدر بملايين الريالات.
** والحل للحد من انتشار هذا المرض يتمثل في مد مظلة التوعية ونشر الثقافة الصحية حول الانفلونزا وطرق الوقاية منها ومعالجتها. ذلك أن الانفلونزا ونزلات البرد سريعة العدوى والانتشار.
ومن أهم أسباب انتشار العدوى كما يقول الدكتور طارق جمال : الرذاذ المتطاير من الكحة والعطس. فالعطسة الواحدة قد تؤدي إلى تطاير ما بين عشرين إلى مائة ألف رذاذة من الأنف والفم، وأن هذا الرذاذ يصل لثلاثة امتار بعيداً عن مكان العطس.
فالحل - إذن - هو توعية الناس بضرورة أن يغطي المصاب بالمرض فمه وأنفه عند العطاس والكحة.
والحل أيضاً هو توعية الناس بإبقاء الابن أو البنت المصابة بالمرض في البيت ومنعهم من الذهاب إلى المدرسة حتى يشفوا بإذن الله تعالى.
فالحاصل الآن أن بعض الأسر ترسل ابنها أو ابنتها إلى المدرسة حتى لو كانت عنده أو عندها بدايات أو نهايات المرض، ومن جراء ذلك تنتقل العدوى بل تنتشر بين طلاب الفصل، وهؤلاء الطلاب ينقلونها تبعاً إلى أسرهم عند عودتهم من المدارس إلى منازلهم.
والحل كذلك يتمثل في توعية الشخص المصاب بالمرض بعدم الإصرار على تقبيل اقربائه أو زملائه بمناسبة الأعياد، فهو بذلك قد ينقل العدوى لهم ويعرضهم للإصابة بالمرض.
إن مشكلة نزلة البرد أو الانفلونزا أنها إذا دخلت بيتاً فإنها تشكل معاناة لكافة أفراد الأسرة حيث تنتقل بينهم بالتناوب.
فهي مشكلة لا تقتصر على الفرد بل تمتد كمعاناة لأفراد اسرته. الأمر الذي يتطلب الاخذ بأسباب الوقاية داخل المنزل لتجنب احتمالات الإصابة بالمرض.
ونحمد الله سبحانه وتعالى على تطور الخدمات الصحية في بلادنا حيث تعالج حالات الإصابة بالانفلونزا، فهناك دول اخرى تحصد فيها الانفلونزا أرواح الكثير من البشر.
** والحقيقة هي أن للأسرة دوراً في الوقاية من هذا المرض كما أن للأجهزة الصحية الرسمية دوراً، ولوسائل إعلامنا ومجتمعنا عموماً دوراً ينبغي تفعيله لمواجهة ظاهرة انتشار الانفلونزا ونزلات البرد في مثل هذه الأيام التي تنتشر فيها الإصابة بالمرض انتشاراً مريعاً غير عادي.
إن الأمر يتكرر كل عام دون أي مواجهة وأتصور أن تداعيات انتشار هذا المرض باتت تستدعي تدخل وزارة الصحة والقطاعات الصحية الأخرى للتصدي لظاهرة انتشار المرض بهذه الصورة الواسعة كل عام.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved