سنة من عمر الزمن حملت أحداثها ورحلت، وأقبلت سنة جديدة بحلتها البيضاء التي قدرها الله سبحانه للبشر للعبادة والسعادة والأمل.. سنة رحلت وتوجت 1425 سنة منذ أعظم الأحداث التي أرست قواعد الدين الحنيف يوم حمل نبيّ الأمة محمد عليه الصلاة والسلام دينه بين جناحيه, ونجا به من ظلم بني قومه كي يؤسس دولة الإسلام، ولأنه الحدث الأهم في تاريخنا الإسلامي اعتمد بدءاً للتقويم العربي الإسلامي.
هي رسالة السلام التي ختم بها الله سبحانه رسالات السماء إلى البشر.. السلام والأمن والأمان، والتسامح وصفاء الأرواح، وهو المدرسة التي تربّت فيها أسرة آل سعود وتوارثوا حمل الرسالة بأمانة كبراً عن كابر رعاية وخدمة لدين الحق القويم وللمسلمين، لكن تأبى بعض النفوس الجاهلة والمجهلة إلا أن تسلك طرقات الشر، تعبث بأمن الناس، وتضرب عرض الحائط بكل قيمة إنسانية نبيلة، تعكّر صفو الآمنين، وتبعث الرعب في قلوب النساء والأطفال، وتقتل الأبرياء دون ذنب ولا سبب.
سنة مضت حملت معها مآسي وأحزان كثيرة، وتقلّبت فيها أحوال وأحداث، ولد فيها جيل جديد، وغاب جيل، فيها قليل أفراح وكثير أحزان، ونحن نتابع والحزن يعصر قلوبنا إلى أي درك وصلت إليه أمة الإسلام، وكم من المصائب والفواجع والمظالم تعرضت لها رسالة السماء في بقاع كثيرة شرقاً وغرباً، حتى صار كل مسلم شبهة، وكل من ينتمي إلى الإسلام خطراً وإرهابياً! فهل نحن حقاً إرهابيون.؟ سؤال كبير أرّق مضاجع أولي الألباب من عقلاء المسلمين في محاولة لنفض هذه التهمة الظالمة، وفي تنوير العقول، وفي شرح الروح الإنسانية التي قام عليها وينادي بها دين الإسلام الحنيف. رحل عام بخير أحداثه وشرها، والناس في لجة الحياة الدنيا يواصلون الركض المحموم وراء لقمة عيش كريمة، ونفوس هادئة مطمئنة آمنة في أوطانهم، عابدون لربهم، مخلصون لدينهم ومليكهم وأولي الأمر منهم، قلوبهم معلقة بالمساجد، يسعون إلى مرضاة الله في الدنيا وفي الآخرة، ينهجون تعاليم الشريعة السمحة التي ترفض أول ما ترفض الغلوّ والظلم والتطرف والإرهاب، وقتل النفس (التي حرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بالحَق).
مضى العام 1424هـ والنفوس حزينة، تتألم على هذا السلوك الغريب العجيب البعيد عن أخلاقنا وتربيتنا الذي تقوم به أفراد من أبناء جلدتنا، المنتمون باطلاً إلى دين الإسلام ويدينون بدين (محمد) خير البشر، هؤلاء الأفراد الموتورون الجهلاء الذين بأفعالهم الشنيعة خرجوا على إجماع المسلمين، وباعوا أنفسهم وضمائرهم لأفكار متطرفة لا تمت إلى الإسلام بصلة، وسلكوا مسالك السوء، وحادوا عن جادة الطريق، وكانوا بعض سبب في وصم أمة الإسلام جمعاء بصفات ومسميات أقل ما يقال فيها أنها ظالمة وبعيدة كل البعد عن مفهوم الدين، ووضعوا بين أيدي أعداء الدين المتربصة بالإسلام سوءاً ومبرراً لهجمات لم تتوقف، أخطرها وهي تدخل عابثة مضللة في الفكر الباهي للإسلام، والعقيدة المترسخة وأساسها التوحيد للإساءة إلى الرسالة السماوية السمحة التي أنزلها الله سبحانه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لخير وصلاح البشر أجمعين.
عام مضى بأفراحه وأتراحه، وعام أقبل بأمانيه وبياضه، نسأل الله العزيز القدير ان يهدي القلوب الضالة إلى الخير والصواب، وان يرعوي أولئك القتلة المُجهّلون ومن يقف وراءهم يمدهم ويشحنهم بكل فكر خاطئ، وفتاوى أتوا بها من عند أنفسهم (مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ)، وأن يعودوا إلى جادة الصواب لخيرهم وخير مواطنيهم وأهليهم.
نستقبل العام الجديد بالأمل والرجاء سائلين المولى عزت قدرته ان يحفظ المليك المفدى مولاي خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة إلى خير الإسلام والمسلمين، وأن يهدي قلوب الناس أجمعين للخير وبياض الروح، كي يسمو الوطن ببنيه في حومة سلام عادل وشريف تحت راية الإسلام، وكل عام وأمتنا بخير ومنعة وقوة وسداد وتوفيق من رب العباد.
|