رباه إليك أتيت.. وهل ثمة لي من حيلة سوى الإتيان إليك.. فإلى من غيرك يهرع الهاربون من هلعهم.. وبهدي من غير هديك يهتدي التائهون عن ذواتهم.. وإلى عفو من غيرك عفوك يرنو المسرفون على أنفسهم.. ورحمة من غير رحمتك يرجوها من ساطتهم عذابات رحمة غيرك.. وإلى حضن من غير حضنك يلجأ الخائفون بحثاً عن الأمان يا أمان الخائفين.. ويا غياث المستغيثين.. ويادرك الهالكين.
رباه إليك أتيت.. لأدعوك وأنا الضعيف بيقين مؤداه أن الدعاء هو منجنيق الضعفاء.. وإليك أتيت لأدعوك وأنا المتخضب بدنس وخطايا الدنا بأمل فحواه أنه لايغفر الذنوب سواك.
وإليك أتيت لأدعوك وأنا كلي حيرة على قارعة الحيرة برجاء كنهه، أنك قلت وأنت الأصدق: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ..... }.
وإليك أتيت لأدعوك وأنا المعدم من كافة مؤهلات تحقق إجابتك...اليائس من استحقاق استجابتك.. البعيد كل البعد عن مرافئ حماك.. الضال عن شواطئ رضاك.. غير أن عذيري أنك قلت في محكم كتابك ياخير القائلين: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ......}.
رباه إليك أتيت..ضعفاً ورجاءً.. يأساً وأملاً.. قنوطاً وعشماً..كرهاً وخياراً.. فأنا منك أتيت.. وليس لي من حيلة سوى الإتيان إليك.. فبقدر منك تخلقت... وبقدر منك إلى دنيا الغرور أتيت.. مكرهاً إليها رباه أتيت.. ومكرهاً سأغادرها حين تأذن لي بالرحيل إيابا إليك.
رباه.. عدماً من عدم أنا إليك أتيت.. بدموع الندم.. وعشم العبد الضئيل إليك أتيت.
|