Thursday 26th February,200411473العددالخميس 6 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأفق الضيق وزمن الانفلات الخلقي!! الأفق الضيق وزمن الانفلات الخلقي!!
محمد أبو حمرا

لم أذكر منذ صغري أن أحدا قال: إن فلانا كافر.
لم أذكر ذلك من عالم أو متعلم أو مقلد أبدا، وأعني من مجتمعنا الذي نعيش فيه, وأذكر أن بعضهم إذا لاحظ على أحد شيئا، لا يقول إلا عبارة - الله يهديه.
هكذا تعودنا على الحفاظ على ألفاظنا وألحاظنا وحياتنا كمسلمين معتدلين عقلاء.
فما الذي تغير فينا؟، أو ما الذي غير أفكارنا بهذه السرعة وتلك الشرعة؟
هذا سؤال طويل ومزمن وخطير أيضا، لأنه يحتاج إلى بحوث موغلة في المجتمع ذاته، وفي الفكر الثقافي بوجه عام، وهذا البحث لا نستطيع التوغل فيه في عجالة.
والشيء المهم أننا عشنا على البساطة في كل شيء، في تعاملنا سواء بيننا، أو بين ولاة الأمر، أو بيننا وبين غيرنا ممن يفدون إلينا حجاجا أو زوارا أو عمالا لأداء مهمة عمل، ولم نكن نعرف مفردة تصرخ في وجه المخالف لنا، بل نقول ونسمع: لكم دينكم ولي دين.
بمعنى أننا مقتنعون بما ندين به من سماحة، ولغيرنا الحق في أن يدين بما يريد، لكن ليس على حساب ديننا الذي ارتضيناه.
كان هناك عمال من غير المسلمين يعملون في قطاعات النفط، ونسميهم (الخواجات) ونمزح معهم ونتعامل معهم على أساس الثقة بأنفسنا وبأرضنا وديننا، ولم نكن ننظر اليهم على أنهم أعداء أو كفرة أو غير ذلك، فكان الاحترام لنا منهم، ومنا لهم دون المساس بالثوابت.
ومضت حياتنا على تلك الشاكلة من المعادلة المنتظمة بيننا.
فما الذي حدث حتى نكون في بعض المواقف ومن خلال بعض الشباب بهذا الشكل المتزمت والعابس في وجه المخالف؟
وهل أبناء اليوم أصفى وأنقى عقيدة وسلوكا من أجدادهم أو آبائهم، الذين نسمع بكاءهم في صلب الليل وهم يطلبون المغفرة متهجدين مبتهلين إلى لله؟ وعند الصباح ترى أولئك الذين أضناهم السهر والقيام في الليل وكأنهم لم يعانوا من السهر، إذ تجد أحدهم يجتلد كالذئب بحثا عن قوته وقوت عياله بكثير من التفاؤل والسماحة والرضا بما قسم الرب له، وترى النور والسماحة والابتسامة تغشى كل جوارحه وجوانحه.
هنا تبرز إشكالية مزعجة لبعض جيل اليوم ممن خذلهم الفكر وخانهم التطبيق وعاقهم الانشداه عن تفهم الدين الصحيح السمح، وهؤلاء هم الذين تراهم يعيشون حالة من العبوس والتأهب للنزاع والشقاق والبحث عن مظان الضعف ليخترقوها، وكأن أحدهم قد حشي حشوة منفجرة تنتظر الخروج بسرعة دون حساب لأخلاق أو سلوك إنساني أو إسلامي سليم.
فهل كنا في صفاء كمجتمع لم تكثر فيه الأخلاط حتى كان زماننا وتناغمنا موحدا، وبعد أن كثر الأخلاط كثرت المشاكل الفكرية؟
أكثر الظن، والله الأعلم اننا قد استوردنا فكرا مغايرا للسماحة، بل سمحنا له بأن ينتعش هنا ويفرخ، ثم بعد ذلك صحونا من غيبوبة التسامح ذاتها، فلم نستطع أن نفعل شيئا تجاه ذلك السلوك والفكر المتزمت حقا.
وهنا تبدأ (وهي متأخرة) رسالة العلماء والمفكرين في حل عقد أولئك الذين لا يرون إلا أنفسهم دون المخالفين.. ولله في خلقه شؤون،،،


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved