في مثل هذا اليوم من عام 1948، سمح الرئيس إيدوارد بينيس بتنظيم الحكومة ذات السيطرة الشيوعية وذلك تحت ضغط من الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي, ورُغم عدم تدخل الاتحاد السوفيتي بالقوات (كما حدث في 1968)، إلا أن المراقبين الغربيين شجبوا الانقلاب الشيوعي الذي لم تُرق فيه الدماء واعتبروه دليلاً على التوسع السوفيتي في أوربا الشرقية.
وكان المشهد السياسي في تشيكوسلوفاكيا معقداً بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وكان بينيس رئيساً للحكومة التشيكية في المنفى والتي كانت تتخذ من لندن مقراً لها خلال الحرب، وعاد أدراجه إلى موطنه الأصلي في 1945 ليستولي على الحكومة القومية الجديدة عقب الانسحاب السوفيتي.
وأسفرت الانتخابات القومية في 1946 عن تمثيل كبير للأحزاب اليسارية والشيوعية داخل المجلس التأسيسي الجديد. وشكّل بينيس ائتلافاً مع هذه الأحزاب في حكومته، ورُغم أن تشيكوسلوفاكيا لم تكن رسمياً داخل نطاق النفوذ السوفيتي، إلا أن المسؤولين الأمريكيين كانوا مهتمين بالتأثير الشيوعي السوفيتي في تلك البلاد, وكانوا يشعرون بالقلق خاصة بعد أن عارضت حكومة بينيس بشدة أي خطة لإعادة التأهيل السياسي وإمكانية إعادة تسليح ألمانيا, ورداً على ذلك قامت أمريكا بمنع القرض الكبير الذي كانت تمنحه لتشيكوسلوفاكيا, وشعر حزب المعتدلين والمحافظين في تشيكوسلوفاكيا بالغضب الشديد وأعلنوا أن إجراء الولايات المتحدة هذا سيوقع البلاد في براثن الشيوعيين, وبالفعل حقق الشيوعيون مكاسب انتخابية كبيرة داخل البلاد, وعندما أثارت عناصر المعتدلين في الحكومة التشيكية احتمالية المشاركة في خطة مارشال الأمريكية قام الشيوعيون بتنظيم إضرابات واحتجاجات وأصبحوا أكثر صرامة تجاه الأحزاب المعارضة, وحاول بينيس يائساً الإبقاء على وحدة بلده، لكن بحلول عام 1948 قام الشيوعيون بطرد الأحزاب الائتلافية الأخرى من الحكومة, واستسلم بينيس للشيوعيين وسلّم مجلس الوزراء إلى الحزب. وتوفي وزير خارجيته السابق جان ماساريك في ظروف غامضة. وأصبحت تشيكوسلوفاكيا دولة ذات حزب فردي واحد.
وجاء الرد من الغرب سريعاً لكنه لم يكن حاسماً بشكل كافٍ. فقد شجبت أمريكا وبريطانيا استيلاء الحزب الشيوعي على السلطة في تشيكوسلوفاكيا، لكنهما لم يتخذا أي تدابير مباشرة, وقد يكون ذلك بسبب ثقتهم الكبيرة في التقاليد الديمقراطية التشيكية أو ربما بسبب الخوف من رد الفعل السوفيتي.
هذا ولم تقدم أي دولة دعماً لحكومة بينيس سوى الشعارات المطاطة. وسيطر الحزب الشيوعي بمساعدة الاتحاد السوفيتي على السياسات التشيكوسلوفاكية حتى ثورة 1989 والتي جاءت بحكومة غير شيوعية إلى الحكم.
|