{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} صدق الله العظيم .
يلاحظ هنا أن القرآن الكريم قد قدم وهن العظم على شيب الرأس وفي ذلك بلاغة وإعجاز عظيم حيث تبين أن العظم يوهن كما يشيب الرأس ومن منا لم يدرك والديه على الكبر ولم يلحظ وهن عظامهما ومفاصلهما وصعوبة الحركة لديهما ففي المجتمعات المسلمة والآسيوية يتدهور مفصل الركبة أكثر بكثير من مفصل الفخذ بسبب طبيعة هذه المجتمعات في طريقة الجلوس. تطورت جراحة المفاصل، وخاصة تغيير المفاصل بأخرى صناعية، كثيراً في العقود الثلاثة الماضية، وقد عاصرنا هذا التطور والحمد لله بالمملكة وهذا النوع من الجراحة في تطور وتقدم مطرد.
وانطلاقاً فقط من الواجب الملقى على عاتقنا جميعاً نحو توعية المجتمع بما يجري وما وصلت له التقنية في هذا المجال أردنا نحن مستشفى المملكة في هذه المقالةإلقاء الضوء على هذاالتخصص الجديد والدقيق حيث كان لنا شرف السبق في القطاع الخاص في إجراء مثل هذه العمليات حيث قمنا باستقطاب الدكتور ميتشل شنكوب أستاذ طب وجراحة العظام وهو رئيس برنامج استبدال المفاصل الصناعية بمستشفى أوك بارك..والذي أكد خلال هذا اللقاء على الحقيقتين التاليتين:
إن مما هو جدير ذكره أن للمفاصل الصناعية عمراً افتراضياً يقدر بخمسة عشر عاماً مما يجعل على عاتق المرضى المحافظة على المفصل الصناعي بعد إجراء العملية وذلك عن طريق المحافظة على الوزن والتمارين الرياضية وتقوية العظام والبعد عن المغالاة والإفراط في استخدام المفصل خاصة وأن الكثير منهم يشعرون بأنهم أصبحوا قادرين على ممارسة كل شيء كانوا يمارسونه في السابق قبل تدهور المفصل الطبيعي. وإن نجاح عملية استبدال كامل الركبة يعتمد على جهد جماعي محوره المريض وهو الأساس ويشمل جهاز التمريض، وأخصائيي العلاج الطبيعي ثم الأطباء وعلى أي عضو في هذا الفريق أن يعمل في إطار المجموعة لأجل نجاح هذه العملية الجراحية.
*****
الالتهاب العظمي المفصلي بالركبة
لقد أصبح الألم جزءاً من الحياة اليومية لأكثر من 250 مليون إنسان حسب تقارير هيئة الصحية العالمية وذلك بسبب الالتهاب العظمي المفصلي بالركبة. إن عملية الاستبدال الكلي للركبة قد يكون الحل الأمثل في أكثر هذه الحالات لتخفيف معاناة هؤلاء المرضى ولكن كثيراً من المرضى قد يترددون في الإقدام على مثل هذه الخطوة خوفاً من حدوث مزيد من التقييد في أنشطتهم اليومية ولكن التقنيات الحديثة في مجال عمليات الاستبدال الكلي للركبة قد تضع حداً لهواجس ومخاوف هؤلاء المرضى. إن عملية استبدال مفصل الركبة بأخرى صناعية ذات قدرة انثناء كامل تمثل خياراً للمرضى الذين يعانون من مرض الالتهاب العظمي المفصلي بالركبة ولديهم القدرة والرغبة بممارسة أنشطة تتطلب انثناء الركبة لأقصى الدرجات مما يمكنهم من القيام بالشعائر الدينية والأنشطة الترفيهية والأنشطة اليومية الأخرى.
تعتبر هذه الركبة الصناعية أول ركبة توفر مرونة آمنة تصل إلى 155 درجة انثناء ورغم أن العديد من الأنشطة اليومية مثل المشي وصعود الدرج والجلوس على الكرسي لا تتطلب إلا درجات انحناء تتراوح بين 90 - 130 درجة إلا أن رغبة المريض في ممارسة شعائر دينية أو رياضات وهوايات تتطلب انحناء أكبر يمكن تحقيقها بهذا المفصل الجديد.
إن هذه الركبة تمثل تطوراً مذهلاً في مجال تقنية استبدال الركبة. خاصة إذا تم التشخيص المبكر للحالة شريطة توفر مرونة جيدة في الركبة أصلاً قبل العملية الجراحية ففي هذه الحالة تمكن هذه الركبة المرضى من التمتع بحياتهم من خلال تمكينهم من ممارسة الأنشطة اليومية التي يفضلون القيام بها.
ما هي الأعراض المرضية المتعلقة بالالتهاب العظمي المفصلي بالركبة؟
- يرجى مراجعة الطبيب المعالج إذا كنت تعاني من أحد أو كل الأعراض المرضية التالية المصاحبة للالتهاب العظمي المفصلي للركبة:
- هل تعاني من ألم بالركبة (الركبتين) تعقبه فترات خمود نسبي للألم؟
- هل تعاني من ألم بعد إجهاد شديد للركبة (الركبتين)؟
- هل تعاني من تصلب مفصل الركبة والذي يعقب عادة فترات من عدم ممارسة أي نشاط مثل النوم أو الجلوس لفترات طويلة؟
- هل يزداد ألم ركبتك خلال الطقس الرطب والبارد؟
كل هذه دلائل الالتهاب العظمي المفصلي.
* ما هو الالتهاب العظمي المفصلي؟
- الالتهاب العظمي المفصلي عبارة عن مرض تنكسي يسبب تلفاً للغضروف بين العظام.
يعزى هذا المرض لعدة عوامل تتضمن: تقدم العمر، عوامل وراثية، البدانة والإصابات أو الحوادث المختلفة.
تقوم الركبة السليمة بالحركة وتتحمل ضغط وقوة الأنشطة اليومية التي يقوم بها الشخص وتعمل الغضاريف التي تغطي نهايات العظام بمثابة الوسادة أو ماصة الصدمات لكي تحمي المفاصل من الاحتكاك مع بعضها. ولكننا نجد أن لدى الأشخاص الذين يعانون من التهاب عظمي مفصلي بالركبة أن غضروف المفصل المتأثر بهذا الالتهاب يكون خشناً ويصبح تالفاً وضعيفاً مما يجعل نهايات العظام تحتك ببعضها.
إن استخدام أدوية مضادة للالتهاب، حقن كورتيزون والعلاج الطبيعي قد تكون حلولاً قصيرة الأمد لمعالجة الألم حيث ان كثيراً من المرضى يحتاجون في نهاية الألم إلى عملية استبدال كلي للركبة.
* ما هي الفحوص التي تؤكد تشخيص الالتهاب العظمي المفصلي؟
- تتم عادة رؤية الالتهاب العظمي المفصلي من خلال الصور الشعاعية. ومن ناحية أخرى يتم إجراء فحوصات مختبرية لوظائف العظم، الكلي، والدم والتهاب الروماتيزم مثل مرض الرثيان (الروماتويد).
ويقوم الجراح المعالج بإجراء فحص سريري لركبتك يتضمن تقييم مدى الحركة والبحث عن أي تشوهات خلقية مثل (تقارب الركبتين أو تقوس الساقين) كما أنه يسأل المريض عن مدى شدة الألم الذي يحس به في الركبة.
* ما هي خيارات المعالجة المختلفة؟
- ينبغي عليك وحالما يقوم الجراح بتشخيص الالتهاب العظمي المفصلي أن تناقش معه الخيارات العلاجيّة المحتملة وما هي أفضل هذه الخيارات التي تتناسب مع شدة حالتك.
خيارات المعالجة
1- تمارين للمفاصل والعضلات لتحسين قوة ومرونة الركبة.
2- أدوية مضادة للالتهابات لأجل اضطرابات المفصل التنكسي.
3- حقن المفصل بمادة زلالية تساعد على سهولة حركة المفصل في الحالات البدائية وحقن المفصل بالكورتيزون في الحالات المتقدمة من المرض لاحتواء الألم والتيبس لحين إجراء الجراحة.
4- عملية استئصال للغشاء الزلالي (استئصال جراحي للنسيج الزلالي الملتهب).
5- عملية قطع عظمي (إعادة تشذيب واستقامة العظام من أجل إزالة الضغط من الأنسجة المريضة إلى أنسجة صحية بدرجة أكبر).
6- استبدال جزئي للركبة (يمكن استخدام ركبة أحادية الحجيرة عندما يكون هناك قسم واحد فقط من المفصل مريض.
7- استبدال كلي للركبة (يتم ذلك عندما يكون هناك التهاب عظمي مفصلي كامل وشديد بالمفصل).
بعض الأسئلة التي تدور بخلد المريض
* ما هي تقنية مفصل الركبة الصناعي؟
- هي عبارة عن مفصل صناعي فيه تلبيسة معدنية لأسفل عظمة الفخذ وأعلى عظمة الظنبوب (الساق) وسطح الرضفة تثبت داخلياً بواسطة أسمنت مع وجود تلبيسة من البلاستيك المقوى بينهما.. عادة ما تكون التلبيسة مثبتة لكنها في بعض التقنيات الحديثة تصبح متحركة لتمنح حركة محورية عالية. كما أشرنا فإن تقنيات الاستبدال الكلي للركبة التقليدية صممت لتوفير مرونة انثناء للركبة تصل 120 درجة كحد أقصى، إلا أن تقنية الركبة الحديثة قد صممت من أجل توفر امكانيات انثناء للركبة حتى 155 درجة وقد دخلت في المجال الطبي الياباني والأمريكي قبل 8 - 10 سنوات ثم انتقلت إلى المراكز الأوروبية وبدأت في المملكة قبل ثلاثة أعوام بمستشفى قوى الأمن بالرياض.
* ما هو الانثناء؟
- الانثناء هو حركة ثني المفصل والحركة المعاكسة للانثناء هي الانبساط والتي تتمثل في حركة استقامة المفصل مثل وضع الركبة عندما تكون واقفاً.
* ما هو مدى انثناء الركبة الذي أحتاج إليه؟
- تعتمد حاجتك ورغبتك في انثناء الركبة على أنشطتك المفضلة أو خلفيتك الثقافية.
حيث تتطلب كثير من الأنشطة اليومية كما أشرنا القدرة على ثني الركبة بما يجاوز 120 درجة فمثلاً يتطلب الجلوس على الكرسي أو الوقوف مرة أخرى مدى حركة يتراوح بين 90 - 130 درجة.
إلا أن هناك أنشطة أخرى أشرنا إليها سابقاً تتطلب درجات انثناء تصل إلى 130 - 150 درجة من أجل القيام بها.
إن المرضى في الوقت الحاضر يتوقون لممارسة أنماط حياتهم السابقة بعد إجراء عملية استبدال كلي للركبة. وليست كل المفاصل الصناعية قادرة على تحقيق هذا الهدف.
* كيف أعرف أنني مرشح ملائم لركبة ذات انثناء كامل؟
- هناك عدة عوامل تحدد مدى ملاءمة المريض لركبة ذات انثناء كامل كما أن هذه العوامل تحدد درجة نجاح هذه العملية.
والمرشح المثالي لهذه العملية هو ذلك الشخص الذي لديه القدرة أساساً لثني ركبته بدرجة جيدة جداً قبل العملية الجراحية ولديه في نفس الوقت الرغبة والعزيمة للخضوع لبرنامج تأهيلي ضروري من أجل استعادة الانثناء الكامل للركبة. كما أن هناك عوامل أخرى مثل الوزن ومستوى النشاط تؤخذ في الاعتبار لتحديد ما إذا كانت ركبة فليكس تمثل الخيار الأفضل للمريض كما يجب على المريض الذي يود الاستفادة من هذه المزايا والفوائد الالتزام بالبرنامج التأهيلي قبل وبعد العملية الجراحية ويجب مناقشة هذا الموضوع مع استشاري جراحة المفاصل من أجل تقييم حالته الصحية وما آل إليه مفصلة وما إذا كان يمثل الخيار الأفضل لمثل هذه الجراحة.
علماً بأنه وعلى سبيل المثال وجدنا خلال العامين الماضيين أن 30 - 40% من المرضى فقط يمثل هذا الخيار الحل المناسب لهم.
* هل عملية غرز هذه الركبة تختلف عن عمليات الاستبدال الكلي للركبة؟
- إن عملية غرز الركبة ذات الانثناء الكامل هي مثل العمليات الأخرى المتعلقة بالاستبدال الكلي للركبة، إلا أن التقنية دقيقة وتتطلب خبرة في اختيار المريض المناسب وإجراء الجراحة خاصة ذات التلبيسة المتحركة.
* ما هي طبيعة البرنامج التأهيلي المتوقع لعملية غرز ركبة ذات انثناء كامل؟
- حيث ان التأهيل يمثل عنصراً حاسماً في نجاح العملية الجراحية فإن الطبيب المعالج يوصي بإخضاع المريض إلى برنامج تأهيلي مبكر ومكثف قبل وبعد العملية الجراحية مباشرة حيث يتحقق الجراح بأن الانثناء الكامل يمكن المحافظة عليه، وبعد خروجك من المستشفى تتم إحالتك إلى أخصائي علاج طبيعي يقوم بدوره بمساعدتك على استعادة القوة العضلية والتوازن ومدى الحركة بالركبة، إن التزامك وتقيدك بالتمارين الرياضية المقترحة بالمنزل بالإضافة إلى برنامج تأهيلي إضافي يمثل عنصراً هاماً وحاسماً في نجاح العملية الجراحية .
* ما بين عامي 2001 و2004 ما هو التطور الذي حدث؟
- اعتقد انه حصل تطور ايجابي وملحوظ، في السابق كانت مساحة التدخل الجراحي حوالي 20 سم، اما الآن فيصل الى 10 سم، اي 50% انخفاض في المساحة، كذلك كان المريض يحتاج الى نقل دم اثناء العملية والآن ليس بحاجة الى ذلك، ايضا المريض كان بحاجة الى الاقامة اكثر من اسبوع، والآن الى ثلاثة ايام كحد اقصى، كذلك هنالك تطور هام وهو ان المريض في السابق يحتاج الى مدة ما بين 3 - 6 شهور للتعرف على النتائج، اما الآن فهو بحاجة الى ستة اسابيع فقط يطلق على العملية (ثقب المفتاح) ما هو سبب التسمية لهذه العملية؟
السبب هو صغر الفتحة التي تجري من خلال التدخل الجراحي للعملية وكتعبير عن (صغر) مساحة التدخل الجراحي. يُتداول حالياً اسم (ثلاثي الأبعاد) فما هو الاساس العلمي لاطلاق هذا الاسم لهذه العملية؟ في الحقيقة، ان ثلاثي الابعاد ليس الاسم العلمي لهذه العملية، وانما هو اسم تجاري، ولا اعتقد انه ذو علاقة في عمليات المفاصل الصناعية.
عزيزي القارئ:
هذه نبذة عن استبدال مفصل الركبة التي تحتاج لفريق متكامل وتعاون تام بين المريض والجراح وطبيب التخدير وأخصائي العلاج الطبيعي والتأهيل ولا ننسى دور التمريض المهم. ونسبة نجاح هذه الجراحة تصل لأكثر من 97%.
والشكر موصول للبروفيسور/ صلاح النور استشاري جراحة العظام والمفاصل لمساهمته في هذا الموضوع.
(*) أستاذ طب وجراحة العظام جامعة رش الأمريكية ورئيس برنامج استبدال المفاصل الصناعية بمستشفى أوك بارك |