هنيئاً يا وطني بشباب طموح يزدري الصعاب لينال المجد والعلا، نظرة فخورة إلى الأمس القريب، انطوت السنون وتجددت الذكريات، وتجددت ذكرى لم تغب يوماً، يوم أعلن فيها مقام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله عن تعيين معالي الدكتور سعود بن سعيد المتحمي وزيراً للدولة، وعضوا في مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشورى، في قرار لم يكن مستغربا على الاطلاق، وكان أكثر مصادر فخري هو معرفتي بهذا الرجل، الذي عرفته في الغربة، عندما التقيته للمرة الأولى في عام 1402هـ في مدينة (تلاهاسي) بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث كنت حينها مبتعثاً من قبل عملي من أجل دراسة اللغة الانجليزية، بينما كان هو مبتعثاً من اجل دراسة الماجستير في علوم الحاسب الآلي والمعلوماتية، وكان اللقاء الأول هو أكثرها اختزانا في ذاكرتي، حيث بدا عليه حينها الاهتمام البالغ الذي تجلى عبر فرحه يتجاوز اختبار التوفل (الخاص باللغة الانجليزية الذي يحدد قبوله في الجامعة من عدمه) الذي عكس من خلاله حرصه وجديته. بضعة أشهر كنا فيها معا إلى جانب بقية الزملاء، كنا فيها جميعا كالأخوة، أيام مرت كالحلم الجميل، وكان فيها أحسن الناس لقاء وآنسهم مجلساً، لمست فيه الاهتمام والسؤال، فكان المبادر دوماً بالمساعدة، انه الانطباع البسيط الذي يتكون لدى المرء من الوهلة الأولى من شخص عرفته من أطيب الذين التقيتهم خلقاً، وعهدته الأكثر جدية، والأوفر عطاء، انهيت في تلك الأيام دراستي وعدت مجدداً إلى الوطن، ومرت السنون وانشغل كل منا في حياته الطبيعية، وهمومها التي لا تنتهي ابداً، فلقد خلقنا الله كما قال في كبد، ولكنني كنت ألتمس الأخبار من خلال الأصدقاء وعبر شبكة الانترنت، وعلمت انه عاد هو الآخر إلى الوطن، وصال وجال بين عدة أعمال، فبعدما كان محاضراً بقسم الرياضيات إلى أستاذ مساعد وأستاذ مشارك في كلية علوم الحاسب الآلي والمعلومات بجامعة الملك سعود، كما عمل امين مجلس مركز البحوث، ورئيس قسم علوم الحاسب الآلي، ومستشاراً لعدد من الجهات الحكومية، حتى عام 1418هـ قبل أن يعين عضواً في مجلس الشورى من قبل الحكومة الرشيدة لما رأت فيه من سداد الرأي والاخلاص في العمل ومواكبة التطور السريع الذي شهدته البلاد، ولا تزال في عهد مولانا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وسرعان ما تم ترشيحه للمرة الثانية، وكان بيننا الاتصال عبر الهاتف في ذلك الحين عندما هنأته بذلك المنصب، قبل أن التقي به في عدة مناسبات كان فيها كما عهدته، حلو المعشر، جميل الخلق، وحين حاز على الثقة الملكية الكريمة بتعيينه وزيراً هنأته بذلك المنصب وكان رده سريعاً بالشكر. إنني عندما اتحدث عن معالي الوزير فإنني استشهد به كصديق تابعت تجربته المشرفة لحظة بلحظة، كما أضرب به أروع الأمثلة كقدوة لجيل جديد من الشباب يجب أن يحتذى به، فمن طلب العلا سهر الليالي ولكل مجتهد نصيب، كما أن القمة لا تأتي بالتقاعس، بقدر ما تحتاج إلى عمل دؤوب وجهد محموم، ولا سبيل إلى القمة إلا بالكفاح والإخلاص، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، أليس هذا ما تحتاجه بلادنا - المعدن الأصيل والأخلاق الحميدة وشراهة الانسان للعمل لنواكب العالم في تطوره، بحيث نبقى على حضارتنا وفضائل تقاليدنا. أسأل الله ان يحفظ وطننا العزيز، وأن يحفظ له رجاله المخلصين لما فيه مصلحة الأمة.
|