ماذا بعد محاكمة الجدار؟

صحيح أن رأياً تصدره محكمة العدل الدولية بعدم شرعية الجدار لن يكون ملزماً لإسرائيل وليست لديه أية تبعات إجرائية، ومع ذلك فإن واقعة حدثت قبل 33 عاماً تتعلق بمحكمة العدل الدولية أدت إلى معاقبة نظام جنوب افريقيا العنصري في ذلك الوقت مما أدى بعد سنوات إلى إزالة هذا النظام.
هذه الواقعة ترددت في اليوم الأول لمحاكمة الجدار على ألسنة عديدة، فقد أصدرت المحكمة عام 1971م رأياً يقول :إن احتلال جنوب افريقيا لناميبيا غير قانوني وأدى ذلك إلى تطورات انتهت بفرض عقوبات على جنوب افريقيا.
المحاكمة التي بدأت أول أمس هي من المنظور الواسع لا تتناول الجدار فحسب دائماً، ومن خلال الزخم الإعلامي والسياسي المتزامن معها تضع الاحتلال بكل تبعاته داخل قفص الاتهام، وهي تعري ممارسات إسرائيل بالكامل وتتيح تناول القضية الفلسطينية بشكل مفتوح وفي قلب القارة الأوروبية بكل ما يحمله ذلك من تأثيرات.
وتتعدد إفرازات هذه المحاكمة والأنشطة والتظاهرات المصاحبة لها وفي كل ذلك ما يفيد في كشف ممارسات الاحتلال. هذه المعركة الكبيرة تستوجب مشاركة الجميع، وهكذا تبدو مشاركة العديد من الدول العربية في المرافعات أمر مهم لإحقاق الحقوق الفلسطينية.
وتعزز مشاركة دولة كالمملكة كثيراً الطرح العربي - الفلسطيني داخل المحكمة باعتبار الدور الكبير والحيوي للمملكة في المنطقة وحضورها الدولي المرموق، وكانت المملكة قبل الإدلاء بمرافعتها قد تقدمت بمذكرة قانونية إلى المحكمة أواخر شهر يناير الماضي كما شاركت ببيان بهذا الشأن عند بدء بحث المحكمة لقضية الجدار.
وفي كل شأن مفصلي فلسطيني تبقى المشاركة والمساندة العربية أمرا لابد منه، ولأن قضية الجدار تعكس واحداً من أبشع وجوه الاحتلال فإن جهداً عربياً واسعاً على كافة المستويات بما فيها الدبلوماسية يبقى أمراً مهماً لإقناع العالم بعدالة الموقف الفلسطيني.
لقد بدرت إشارات من بعض الأطراف الدولية الكبيرة للتأثير على مجريات عمل المحكمة بالتحريض المباشر لها بعدم إصدار رأي في مسألة الجدار، ومثل هذه التدخلات تؤكد أهمية المساعي والجهود خارج قاعات المحكمة لإبعاد مختلف الضغوط والتدخلات عن عملها.