جميل ان تفيق في الصباح على هاتف يحمل لك أخباراً سارة، أو مفاجأة سعيدة، تجعل نهارك متميزاً، حتى وان لم يكن ليلك لا يميزه إلا عتمته.
أما ان تفيق على مكالمة هاتفية، يتم طلبك فيها بصورة مستعجلة جداً لمقابلة أحدهم دون أن تدري سر هذا الاستعجال الذي انقض عليك كالكابوس الثقيل. عندها تحس بأنك في حاجة إلى ترميم أعصاب، أو تبريد نبضات القلب.
ويفاجئك موظف مُصر على مقابلة المسؤول في مكان عملك وحين تسأله (خيراً اللهم اجعله خيراً) يجيبك: (عليكم مخالفة لازم تسددونها)، تستغرب الأمر. فمن أين أتت إليك هذه المخالفة؟ ولم نتعود المرور يأتينا إلى البيوت ليمرر لنا مخالفات! هذه المرة البلدية هي صاحبة المخالفة، ولكن أيةُ مخالفة يا ترى؟! نحن في المؤسسة الوطنية الخيرية للرعاية الصحية المنزلية، لدينا مقر إداري خاص بالمؤسسة في حي سكني، وهو هناك منذ تأسيسها، أي منذ أكثر من خمس سنوات ولم يعترض أحد علينا، ولم نسمع أن مقراً مثل هذا يجب أن يكون في شارع رئيسي بالقرب من محطة وقود، أو إلى جانب معرض مفروشات!
حتى وإن كان لا بد للمؤسسات ألا تكون في محيط سكني، فإنني أعتقد ان مؤسسة خيرية تُعنى بالمرضى المحرومين والحالات المزمنة، ويتركز عملها على العائلات، لا بد أن تكون وسط الناس في أحيائهم السكنية.
الموظف المذكور تأسف وتفهم أهمية وجودنا بين الناس لكنه مأمور لا يملك من الأمر شيئاً، وينقل إلينا أننا وضعنا لافتة على سور الجمعية الخارجي في حي سكني تدل أصحاب الحاجة على مكاننا، وتشكل لهم عنواناً معروفاً يسهل عليهم الوصول إليه، ينقل إلينا هذا الموظف رأي المسؤولين بأن مثل هذا الأمر يعتبر مخالفة صريحة لقوانين البلدية.
نحن من واجبنا ان نحترم القوانين كلها، وأن نكون قدوة للجميع في سلوكنا الاجتماعي، وانضباطنا المهني، لكن من الواجب أيضاً أن يدرك المسؤولون في البلدية، أن مقراً تجتمع فيه النساء من المتطوعات لخدمة المجتمع، يجب ان تكون لها تسهيلات خاصة، حتى وان لم تكن منضوية في عملها تحت قانون ما، قد يصلح تطبيقه على حالة دون أخرى.
لقد وجدت القوانين لتنظم حياة الناس، وتيسر عليهم الحياة، وأكثر تلك القوانين نجاحاً هي التي تأتي منسجمة مع حاجاتهم وتلبية لاحتياجاتهم. أما ان يأتي قانون يصعب السهل، ويخرج المألوف عن طبعه فهو قانون في رأينا المتواضع يحتاج إلى إعادة نظر لا إلى موظف مخلص يطرق الأبواب في صباح باكر ليوصل إلى أصحابها مخالفة تفاجئهم أكثر من إيقاظهم بهذه الطريقة، وتخلف ظنهم حين يظنون ان الطارق جاء يحمل إلى مؤسسة خيرية تبرعاً خيراً جزيلاً، وعطاء سخياً من محسن تحتاجه الجمعية كماوى لهؤلاء المرضى أو مقر جديد لها تستطيع من خلاله مضاعفة عملها.. فهل من طارق جديد لا يأتي إلينا بمخالفة أخرى من البلدية، لكنه يحمل عطاء سخياً من معطٍ سخي لمستحقيه الذين يقضون عمرهم ينتظرون... وتاليتها!!
فاكس: 2051900 |