Wednesday 25th February,200411472العددالاربعاء 5 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
عالم بلا أخطاء
عبدالله بن بخيت

أصبح من تقاليدي في هذه الزاوية أن أكتب المقال، وأعيد شرحه وتفسيره في المقال التالي، شيء ممتع لا يمكن أن أتذمر منه لأنه مدفوع الأجر. إلى ذلك فهو مثير لأنه يدفعني إلى تأمل ما كتبته في المرة الأولى، إذا تذكرنا أني أكتب زاوية شبه يومية لا يتعدى الوقت المخصص لها أكثر من ساعة ونصف. ساعة ونصف لا تكفي لمراجعة الإشارات والمرجعيات والحقائق المدرجة.تعتمد كل المعلومات الواردة في هذه الزاوية على الذاكرة وعلى المراجع المرصوصة أمامي، فإذا أخفقت ذاكرتي ومراجعي اتكلت على الله واعتمدت على ذاكرة القارئ ومراجعه. وإذا أخفق القارئ يبقى الخطأ مدفوناً مع آلاف الأخطاء التي تتشكل منها معارفنا العامة. فالأخطاء مثلها مثل الميكروبات إذا قلَّت أفادت وإذا كثرت أضرت. هل هذه معلومة صحيحة..؟ لا أعلم.
ولكن يمكن للقارئ أن يضيفها إلى أخطائي إذا كانت خطأ. لا أعتقد أن قارئاً سوف ينبري من بين الصفوف ويصحح معلومتي هذه في صفحة عزيزتي؛ فالأخطاء العلمية التي قد تودي بحياة الناس لا أحد يتبرع بتصحيحها. أتذكر قبل سنوات نشرت جريدة من الجرائد السعودية، لا أحب ذكر اسمها، نشرت هذه الجريدة تقريراً يقول إن زيت الفرامل يزيل البهاق وبعد أسبوع أو أسبوعين جاءت التقارير تقول ان كثيراً ممن أخذوا بالنصيحة يرقدون في المستشفيات بعضهم أصيب بفشل كلوي، إلى ساعتنا هذه لم يأت من يصحح هذه المعلومة ولم يعاقب أحد أو يستتاب على نشر مثل هذه المعلومة القاتلة، ولم تمتلئ تلك الجريدة بالمقالات المنددة أو الناصحة على الأقل.
لا يمكن لكاتب جرايد أن يكون متخصصاً في موضوع في حال التخصص يفقد قيمته الصحفية التي يعتاش منها، كما ان كاتب الجرايد لا يرجع إلى المراجع أو مصادر المعرفة، فالمطبعة لا تنتظر، كل يوم لازم تعبأ هذه الأوراق التي بين يديك وإذا تأخرت في تعبئتها فسيأتي آخر ليقوم بهذه المهمة. وهذا سبب إخفاق بعض الأكاديميين عندما يكتبون للجرائد.
هناك ما يمكن أن نسميه الحس السليم فالإنسان عندما يبلغ سناً معينة ومستوى معيناً من الثقافة والعلم والتجربة يتشكل لديه الحس السليم، طبعاً، مع بقاء شيء من الرجة لزوم التبهير. الحس السليم هو الهادي الأساسي لكاتب الجرايد يقيس عليه المعلومة التي بين يديه والرأي الذي سوف يطرحه، ثم يتكل على الله ويكتب. وكلما كانت الحرية المتاحة للكاتب كبيرة كلما تنامت درجة الحس السليم. لأن الحرية تصنع المسؤولية والرقابة تؤصل التفاهة وحس الطفولة.
لا يمكن القضاء على الأخطاء ولكن يمكن تبريرها وإضفاء شيء من المشروعية عليها، لا أعني الدفاع عنها ولكن تمريرها كجزء من صيرورة العمل، لا عمل بلا أخطاء ولا إبداع بدون أخطاء ولا نصر بدون أخطاء.
طبعا بإمكان الكاتب أن يكتب دون أن يرتكب خطأ واحدا إذا ألقى بنفسه في أحضان السائد والمكرر، وأخذ يعيد كتابة ما تقوله المنابر التي تملك السلطة. من السهل على الكاتب أن يكون تافهاً. (لولا المشقة لساد الناس كلهم). يبدو أنني اقتربت من خط الثمانية عشر وأي خطأ في هذه المرحلة سيحسب ضربة جزاء (بنالتي). الأفضل أن أختم المقال.

فاكس 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved