Wednesday 25th February,200411472العددالاربعاء 5 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
هل نحتاج للمطالبة بخروج المرأة للعمل؟ (2-2)
د. محمد يماني

استعرضت مقالة الأسبوع الماضي مجموعة التساؤلات التي يجب التعرف على إجاباتها بشكل موضوعي ودقيق حتى يمكن تقييم مدى الحاجة إلى المطالبة بخروج المرأة للعمل، وتقييم المنافع والتكاليف بكافة أشكالها المترتبة على خروجها للعمل بالمعنى الذي يطالب به دعاته.
ويدور عدد من الأسئلة التي تثيرها هذه القضية حول تأثير عمل المرأة خارج المنزل على نمط توزيع الدخل بين الأسرة داخل المجتمع، ففرص العمل المتاحة ليست مزدوجة بمعنى ان فرصة العمل متاحة لشخص واحد بغض النظر عن جنسه متى حصل عليها واحد حرم منها الآخر وهذا يعني أن خروج المرأة للعمل بالمفهوم الذي ينادي به البعض ومزاحمتها للرجل في الحصول على العمل سيؤدي إلى وجود أسر ليس لها مصدر دخل لأن عائلها الرجل عاطل عن العمل بسبب محدودية فرص العمل ومزاحمة المرأة في سوق العمل على الرغم من أنه ملزم شرعا بالإنفاق على أسرته بمن فيهم قريباته الملزم بإعالتهن شرعا في حين أن المرأة ليست ملزمة بذلك ليس ذلك فحسب بل إن المرأة عندما تخرج للعمل ستكون مضطرة لاستئجار من ينوب عنها في الأعمال المنزلية ورعاية الأولاد وغالبا ما تكون امرأة.
وهذا التساؤل يثار في المجتمعات الإسلامية تماماً مثلما يثار في المجتمعات الغربية ولا يتصور في حق مجتمع دون آخر، والإجابة عليه ضرورية من أجل الحصول على مجتمع يتسم بقدر مناسب من العدالة في توزيع الدخل وتفاوت أقل في مستويات المعيشة بين أفراده.
وهذا لا يتعارض مع وجود فرص عمل يفترض ان تكون خاصة بالمرأة وحدها مثل التدريس والطب والأعمال الإدارية التي تكون موجهة للنساء. بل ان تحديد فرص عمل تكون خاصة بالمرأة وتكييف التخصصات العلمية ومجالات الدراسة الخاصة بالطالبات نحو خدمة هذا الهدف هو الذي يكفل للمرأة الحصول على فرصة العمل المناسبة في البيئة المناسبة، لا المطالبة بخروجها للعمل كيفما اتفق ومزاحمة الرجل والتي تكون عاجزة عن منافسته في كثير من الأحيان، والواقع يشهد بذلك ليس في المجتمعات الإسلامية وإنما في المجتمعات الغربية، والتي أتيحت للمرأة فيها أحيانا مزايا تفضيلية في الحصول على العمل على حساب الرجل لكنها لم تتمكن من الوصول إلى الأهداف المعلنة لمن يرفع شعار عمل المرأة وبعيدا عن أي اعتبارات دينية وقيمية فإن ما يفعله من ينادي بخروج المرأة للعمل بدون ضوابط هو سير في الاتجاه المعاكس للطبيعة التي فطر الله الناس عليها ومصادمة لقوانينها التي تسري على الجميع. وقد كان ذلك أحد الأسباب الرئيسية في شعور المرأة في الغرب بالإحباط والغبن فهي تتصور أن بإمكانها العمل في أي مجال أو صُوِر لها ذلك إضافة إلى أعمالها التي هي من صميم اختصاصها، في حين اننا لم نسمع بمن يطالب بضرورة إعطاء الرجل حقه في العمل داخل المنزل والبقاء داخله ولم نسمع من يطالبه بالحمل ورعاية الأولاد في المنزل.
إن المطالبة بخروج المرأة للعمل بدون ضوابط- توفر لها الحماية في الحصول على العمل المناسب لها وتوفر لها أيضاً بيئة العمل الملائمة- تحمل في طياتها بذور فشلها إذ انها لن تتمكن من منافسة الرجل في القيام بالأعمال التي يمتلك فيها مزية نسبية مقارنة بالمرأة، مثلما ان الرجل لا يستطيع منافستها في القيام بالأعمال التي هي من اختصاصها.
ويشبه ذلك مطالبة المملكة بزراعة الأرز وتصديره إلى الهند والتي يتوقع منها إنتاج النفط وتصديره إلى المملكة، والنتيجة الطبيعية في كلتا الحالتين استمرار المطالبة بعمل المستحيل والتي قد يطول أمدها إلى ان ينتهي الكون أو تتغير قوانينه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved