تعدّ السنة الحالية 2004 من أهمّ الأوقات في تاريخ الدولة العراقية؛ فهذه السنة إما يجتازها العراقيون وهم قابضون على دولتهم، ووحدة وطنهم وشعبهم، 0وإما ينجح الانفصاليون وأصحاب الأطماع السياسية والانتهازيون والذين يعملون لجهات أجنبية لا يمكن إخفاؤها، في تقسيم العراق وتجزئته.والذي يتابع أقوال وتصريحات من وضعتهم قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني في الواجهة السياسية يشعر كأن هؤلاء ساسة قد أوتي بهم لتقسيم العراق، بل وحتى مسخ هذا البلد العظيم.
جلال الطالباني زعيم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وعضو مجلس الحكم العراقي يقول: لا توجد بعد الآن هويّة عراقية، بل هناك هويّات تعبر عن التعددية القومية والدينية والطائفية في العراق الجديد..!!
وفي حضور (سيد العراق الجديد) بول بريمر يقول الزعيم الكردي الأكثر ارتباطاً بالأمريكيين والإسرائيليين: إن الدولة العراقية الحديثة التي تأسست عام 1921 قد قامت على أسس خاطئة، حيث يزعم أن أجزاء العراق التي تتكون منها الدولة العراقية والأرض العراقية إلحاقية وليست اختيارية؛ فكانت نموذجاً فاشلاً للدولة المعاصرة، وقد جلبت بسبب فشلها الكوارث والويلات للعراق!!
أما زميله في مجلس الحكم الكردي الآخر محمود عثمان فيؤكد أن أعضاء مجلس الحكم العراقي همّهم الأول الاحتفاظ بمناصبهم ولا يعنيهم شيء سوى ذلك؛ ممّا يجعل مصلحة العراق في المرتبة الثانية بعد مصالحهم الشخصية.
واتهم محمود عثمان الأعضاء الشيعة في مجلس الحكم العراقي بأنهم ذهبوا إلى المرجع الشيعي علي السيستاني وشجعوه على الإصرار على إجراء الانتخابات مع علمهم بأن إجراءها في مثل هذه الظروف أمرٌ مستحيلٌ، وأنهم فعلوا ذلك لأهداف تخدم تطلعاتهم السياسية، وأنهم جعلوا من اسم السيستاني غطاءً لتحقيق أغراض سياسية خاصة.
وهكذا، فالأكراد بقيادة الطالباني يخندقون خلف الأمريكان لتدمير الهوية العراقية؛ لإنجاز انفصالهم الموعودين به من الأمريكيين، ويثقون بالإسرائيليين الذين أصبح وجودهم واضحاً في المناطق الكردية.
والشيعة - حسب اتهامات الأكراد - يسعون إلى فرض وضع يتماشى مع طموحهم السياسي. وفي ظل هذين السعييْن الكردي والشيعي، والرفض السني للانتخابات يظل العراق في مهبّ الريح، تتقاذفه أهواءُ السياسيين والمحتلين الأمريكيين؛ لتكونَ سنة 2004 مفصلاً زمنياً قد يكونُ تاريخاً يشهد تصفية الدولة العراقية.
|