كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن وضع المرأة العربية، وهو في مجمله ينطلق من عدم فهم من قبل الغربيين، خاصة للأوضاع والظروف الاجتماعية التي عاشتها المرأة العربية، ويبدو أن أغلب ما يطرحه الغربيون ومن تبعهم من بعض العرب والمسلمين أن حياة المرأة العربية كانت حياة بائسة وأن علينا أن نسعى إلى تحريرها من كثير من المصاعب التي تحيط بها.
إلا أنه من خلال البحث والدراسة يظهر لنا أن المرأة العربية كانت تحظى بمكانة عالية بل كانت لها أدوار قيادية في المجتمع، على الرغم من أنها كانت في مرتبة تالية للرجل لكنها كانت مرتبطة به في السلم الاجتماعي؛ فإن كان الرجل قد احتل موقع المسؤولية والحماية لأنه المكلف بتوفيرهما للعائلة فقد كانت للمرأة مهامها الجسيمة أيضاً كأم أو زوجة أو ابنة أو أخت.
وبالرغم مما قد يبدو ممن لا يعرف الأوضاع الاجتماعية في شبه الجزيرة العربية قد يبدو له أن قيمتها أقل من الرجل إلا أنها في الحقيقة كانت تحتل قيمة اجتماعية إنسانية عالية، فهي ذات مركز في البيت تتصرف في شؤونه وتشتري ما يحلو لها، وتلبس ما يعجبها، وتصنع ما تريد أن تصنعه، وهي ذات رأي ومشورة؛ يستمع إليها زوجها وابنها ووالدها، وهي بقناعتها الشخصية كانت تعطي الرجل الأولوية في القرار، كما أنها كانت فاعلة في مجتمعها؛ تؤدي أدواراً عديدة في شتى مناحي الحياة ومناشطها.
وتركز القيم العربية على قيمة العناية بالنساء ومساعدتهن، ففي مجتمع كمجتمع البادية وهو الأكثر سواداً في السابق كان البدوي يعتبر النساء والبنات أثمن ما يملكه الرجل في هذه الدنيا، ولذلك فقيمة المحافظة عليهن والعناية بهن من كل أذى له اعتبار كبير عند البدوي، ووفق هذا العرف والنظرة للمرأة تمتعت المرأة بحرية، وسعادتها لا يمكن وصفها، فقراءة متأنية لكل موروث اجتماعي من شعر وحكايات شعبية وكتب تاريخية للرحالة الأجانب تبين كل هذه المعاني التي أشرت إليها.
لعل الحديث عن أوضاع المرأة ومكانتها الاجتماعية يحتاج إلى دراسة معمقة قبل إصدار الأحكام الجازمة، أما إن كانت هناك تجاوزات حصلت على وضعها في الفترة الراهنة فهي دون شك تجاوزات نبعت من عدم فهم لمن يمارسون تلك التجاوزات، وغلو وتطرف منهم بما يخالف القيم الدينية والأعراف الاجتماعية العربية الأصيلة.
|