في مثل هذا اليوم من عام 1973 شيعت القاهرة عدداً من ضحايا طائرة الركاب الليبية التي أسقطتها مقاتلات العدو فوق سيناء, واصطف آلاف من الناس على جانبي الطريق المؤدي الى ميدان التحرير لمشاهدة الموكب الجنائزي لهؤلاء الضحايا.
وقد تحول التشييع الى مظاهرة سياسية صاخبة ضد الأعمال البربرية الإسرائيلية وطالب المتظاهرون خلالها بالانتقام من العصابات الصهوينية.
وقد أحال الطلبة تشييع جنازتي اثنين من العاملين في التلفزيون المصري واللذين استشهدا مع الباقين في الطائرة الليبية الى تظاهرة طلبا للثأر والحرب.
وكان مجموع الطلبة حوالي 500 بين المعزين الذين يلغوا حوالي 5000 في هذا الموكب الجنائزي الذي امتد على مسافة اكثر من ربع كيلو متر. وكانت الجنازتان للسيدة سلوى حجازي - أم لثلاثة - ومقدمة برنامج الأطفال المصري وللمخرج عواد مصطفى. وقد نظمت إدارة التلفزيون هذا الموكب الجنائزي ولكن لم يكن هناك نعش آو عربة موتى لان المرحومين تشوها بسبب الحادث الى درجة لم يكن بعدها بالإمكان التعرف على جثتيهما. وفي هذا الجو العاطفي المشحون اجتمع الرئيس السادات مع أعضاء حكومته ثم ترأس اجتماعاً طارئاً للهيئة العليا للمعركة والمكونة من القادة العسكريين والسياسيين والتي أسندت إليها مهمة أعداد الشعب لاندلاع نار القتال مرة أخرى ضد إسرائيل.
هذا وقد استمرت ردود الفعل العربية والعالمية للمجزرة الرهيبة التي ارتكبتها إسرائيل بإسقاطها الطائرة الليبية. فقد لمحت الدوائر المختصة في لندن الى ان الطيارين البريطانيين يطالبون بمقاطعة الرحلات المتجهة الى إسرائيل, وذلك في الاجتماع الذي عقده الاتحاد الدولي للطيارين في العاصمة البريطانية لبحث عواقب حادث إسقاط طائرة الركاب الليبية.
وصرح ناطق باسم اتحاد الطيارين البريطانيين بأن الاتحاد سوف يتقدم بتوصيات مشددة, ولكنه لا يستطيع الإفصاح عن مضمونها. ووصف ناطق بلسان مكتب الممثل المراقب لجامعة الدول العربية في الأمم المتحدة وصف حادث إسقاط طائرة الركاب الليبية من قبل طائرات العدو الصهيوني المقاتلة بأنه عمل قرصنة جوية وقتل جماعي أودى بحياة العديد من النساء والرجال المدنيين.
وأكد في مؤتمر صحفي ان سلطات الاحتلال ارتكبت حادث الاغتيال الجماعي بإسقاطها الطائرة الليبية مع علمها الأكيد بأنها طائرة ركاب مدنية. وقال ان بشاعة الجريمة وسخط الرأي العام الدولي المتزايد ضدها جعلا سلطات العدوان الصهيوني تتخبط في إصدار سلسلة من البيانات المتناقضة في محاولة فاشلة لتبرير جريمتها النكراء. بينما قال السيد أبو زيد دوروا وزير الإعلام الليبي ان قيام الطائرات الصهيونية المعادية بإسقاط طائرة الركاب المدنية الليبية كان أجراء متعمدا. وكان هذا التصريح الذي نقلته وكالة الأنباء الليبية هو أول رد فعل ليبي رسمي لإسقاط الطائرة الليبية الذي أدى الى مقتل حوالي مائة شخص. وقال السيد دوروا في المؤتمر الصحفي الذي عقده في طرابلس ان التناقضات المتعددة في تصريحات القادة الإسرائيليين قد برهنت على ان هذه الجريمة قد وجهت ليس ضد ليبيا فقط بل ضد الإنسانية ككل.
وقال السيد عبد القادر حاتم للصحفيين بعد انتهاء الاجتماع الطارئ الذي عقده مجلس الوزراء المصري ان المجلس قد اتخذ عددا من القرارات السرية الخاصة بالقيام بانتقام عربي ضد العدو الصهيوني وان كون إسرائيل توسع اعتداءاتها لتشمل جميع الدول العربية يبين ان على جميع الدول العربية ان تعبئ طاقاتها للقضاء على هذا التهديد المستمر لشعوبها.
هذا وقد زعم موشي ديان وزير دفاع العدو بأنه يجب ان يكون هناك خط مباشر - حار - بين إسرائيل وبين العواصم العربية لتلافي حوادث مثل حادثة إسقاط الطائرة الليبية فوق سيناء المحتلة.
وقد نددت المصادر الدبلوماسية المصرية بالاقتراح الإسرائيلي بإنشاء اتصال مباشر بين إسرائيل والعواصم العربية لاستعماله في حالات الطوارئ وليس للأغراض السياسية.
|