لقد كان لأخلاق المسلمين الحربية جانب من جوانب النزعة الإنسانية، في الحضارة وهو ما تنفرد به هذه الامة من حسن خلق ولين جانب من غير إفراط ورحمة بالضعفاء وتسامح مع الجيران، كل هذه الجوانب تفعلها الامة الإسلامية في الحرب والسلم.
ولكن حسن المعاملة في الحروب، ولين الجانب مع الاعداء والرحمة بالنساء والاطفال والشيوخ لا تستطيع كل الامم ان تفعلها، فهي من خصائص المسلمين حتى انها أصبحت مضرب المثل في التسامح والاخلاق العالية.
اذ نجد ان هناك عظماء في التاريخ الاسلامي سواء كانوا عسكريين أو مدنيين انفردوا في تسجيل الامجاد لأمتهم وحضارتهم دون ان تحمل افكارهم الانتقام أو الثأر أو سفك الدماء، ويكفي للناس شاهدا هذا التاريخ المدون الذي روى للأجيال ما قام به الاجداد من احترام للعهد ورحمة بالخلق لأن ذلك وصية رسولهم - صلى الله عليه وسلم - ان هذه الاوقات التي اوجدت فينا جبابرة امتهنوا سفك الدماء وتقتيل الاطفال لا يدل إلا على مدى إشباع رغباتهم التي استلهموها من دراستهم في البلدان الغربية.
ان حضارتنا الإسلامية هي التي تثبت ان العالم في أي وقت مضى، لم يمر عليه حكم، أو فترة حكم كما مر عليه على يد المسلمين الاوائل الذين سطروا بالتاريخ الامجاد والانتصارات التي نفتخر بها على مر الزمان، وبذلك شهد شاهد من عدونا بالاخلاق العالية.
إننا في زمن القوي يأكل الضعيف والمسلَّح يقتل الاعزل والحرب مفتاح لا يملكه الا الاقوياء.
* فالاسلام امر بالسلم الا في حالة عدم استعداد الامم الاخرى للسلم، فإن الحرب هي الفاصل بينها ولكن لا حرب الا بشروط وضعها الشارع الحكيم، فالشعوب ليست على دين ملوكها.
ان قتل من لم يقاتل وأذية من لم يؤذ هي بحق الإسلام سفك الدم بغير حق، فلو قامت أي حرب فلا بد لها من مبادئ اذ إن الحرب اللاانسانية لابد لها من نشر الفوضى والخراب والدمار لان لا انسانية في وسائلها واهدافها وغاياتها كما هو حاصل في العالم اليوم.
والحرب الانسانية تجد فيها الخير والصلاح والازدهار ووضوح الاهداف، ونبل المشاعر فهذا هو خليفة رسول الله يوصي جيشاً همّ بالغزو فيقول «لا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة ولا تعقروا نخلاً، ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة، ولا بعيراً الا لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا انفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا انفسهم اليه».
هذه مبادئ الإسلام الصحيحة الحقيقية لا قتل ولا سفك ولا إجرام ولا تخريب ومن يدعي غير ذلك فليثبت!!
اسألوا التاريخ كيف فعل المسلمون بالامصار والبلدان التي تم فتحها، لقد أنقذ الله بالاسلام وبالفتوحات الإسلامية كثيراً من الامصار التي كانت في غياهب الجهل والفقر نعم ان الفتوحات الاسلامية حملت الى الناس سمو العقيدة ونبل الاخلاق بعدما كانت تعيش في اوج وأقسى العذاب من تلك الحكومات الجبارة.
نعم ما احوال الاستعمار عن البلدان الاسلامية ببعيدة.
لا اريد ان افيض في المقارنة بين اخلاق المسلمين الفاتحين وحسن معاملتهم للمغلوبين ورحمتهم ورعايتهم للشعوب وبين ما يفعله غيرهم عندما يجتاحون البلدان لان الفرق شاسع كما بين السماء والأرض، والتاريخ يشهد لأن الغربيين مازالوا يحملون في طيات نفوسهم وابطان طبائعهم الوحشية تحت اسماء مغلفة وأسماء مستعارة مسروقة من حضارة المسلمين فتجدهم يصرحون بالسلام والديمقراطية والتعددية الفكرية، ويخفون العنف والاستبداد بالعالم، وكتم اصوات الحق الناصحة لهم.
إن السلام هو مطلب كل عاقل فمع الحروب لا بد أن يكون هناك ويلات للدول والشعوب.
|