يقوم العديد من الأجهزة الحكومية بالاستعانة بالشركات والمؤسسات في تنفيذ المشاريع التنموية بالمحافظات والقرى والمدن الصغيرة من خلال بلديات تلك المدن أو حتى فروع الأجهزة الحكومية. تلك المشاريع التي يتم تنفيذها سواء كانت مشاريع للمياه أو الكهرباء أو الهاتف أو السفلتة والرصف يتولى الإشراف عليها مهندسو البلدية في تلك القرية ليقوم المقاول بتنفيذها، إلا أن الملاحظ أن رأي مهندسي البلدية لا يأخذ به المقاول في الحسبان مهما أبدوا من ملاحظات ومهما رفضوا استلام المشروع لأن كثيرا من المقاولين الذين يتولون إنجاز تلك المشاريع يعلمون أن ملاحظات مهندسي البلدية لن توقفهم وينفذون المشروع دون أن يطبقوا المواصفات الفنية للمشروع، لأن المقاول يعلم أنه يمكنه الاستلام النهائي للمشروع في المقر الرئيسي للجهاز الحكومي وقد حدثت حالة لأحد المقاولين في إحدى المدن الصغيرة عندما نفذ المقاول مشروعاً للمياه واشترطت عليه البلدية أن يردم المواسير بالرمل ولم ينفذ الطلب وردم المواسير بالتراب المخلوط بالأحجار، لأنه يعلم أن الرمل سيكلفه كثيراً، وماهي إلا أشهر قليلة حتى تدقفت المياه على قارعة الطريق و استنفرت الصيانة فرقتها لمعالجة ذلك، علماً بأن البلدية رفضت استلام المشروع واستلم المشروع من قبل المقر الرئيسي واستلم المقاول مستحقاته
إننا نطرح تساؤلاً هو: مادور البلديات وفروع المصالح الحكومية إذا لم تعط الصلاحية اللازمة لاتخاذ القرار وبقى القرار لدى المقر الرئيسي؟
إن كثيرا من ملاحظات البلديات أو فروع الأجهزة الحكومية بقى حبراً على ورق، وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ المشاريع، إذا كان لدي المقاول مصادره التي تدعمه في المقر الرئيسي ويستطيع أن يسلم المشروع حتى مع وجود ملاحظات على التنفيذ
من يريد أن يعرف كيف تنفذ المشاريع الحكومية فلينظر إلى صيانة الطريق السريع الذي يربط الرياض بالقصيم وخاصة الوصلة الواقعة قبل مخرج (13) مباشرة وكيف أن الطريق الجديد الذي جرت صيانته أصبح عبارة عن منخفضات كبيرة قد تسبب وقوع الحوادث وخاصة في فترة هطول الأمطار، طريق لايتفق مع أبسط القواعد الهندسية للطرق ومع ذلك تم استلامه
من جانب آخر فإن الشركات التي تتولى تنفيذ الطرق وخاصة مايتعلق باللوحات الارشادية للمدن والقرى الصغيرة، لا تضع اللوحات بالشكل المطلوب والمناسب فتجد مدينة أو قرية صغيرة يتكرر وضع لوحاتها على الطريق مرات عديدة ومدن أكبر لاتأتي إلا مرة واحدة فقط أو قد لاتأتي نهائياً
في المشاريع الحكومية وخاصة مايتعلق بالتنمية المحلية في الريف والمدن الصغيرة، تجد أن الأجهزة الحكومية تتكدس في مدينة واحدة فقط فتجد الشرطة، والهاتف، والمستشفى، ومركز التدريب المهني، والدفاع المدني، وفرع الزراعة والمياه وغيرها تتركز في مدينة واحدة علماً بأنه بالامكان توزيع هذه الخدمات على المدن الأخرى المجاورة التي لاتزيد المسافة بينها على كيلومترات قليلة جداً لكي تتوازن عملية التنمية الريفية بين القرى والمدن الصغيرة.
ان تنفيذ المشاريع الحكومية في القرى والمحافظات والمدن الصغيرة يحتاج إلى إعادة نظر، حتى تتوازن وتزيد عوامل الجذب للمدن والقرى والمحافظات خاصة إذا علمنا أن نسبة النمو في مدينة مثل الرياض يصل إلى 8% سنوياً وهو معدل نمو عال جداً ومرتفع لاضطرار سكان المدن والقرى والهجر السفر إلى العاصمة إما للبحث عن العمل أو لإكمال التعليم.
فالجامعات لايجب أن تتركز في المدن الرئيسية، بل خارج المدينة وجميع مدن العالم تكون المدن الجامعية خارج المدن الرئيسية، لفك الاختناقات عن المدن وفتح عوامل جذب جديدة للسكان.
وحتى لايتكرر الوضع مرة أخرى علينا أن نوزع فروع الأجهزة الحكومية بين المدن والقرى والمحافظات بشكل متوازن وعدم حصرها في مدينة واحدة فقط، إضافة إلى التركيز على وضع المدن الصناعية خارج المدن الرئيسية لتوفير فرص عمل إضافية لقاطني المحافظات والقرى.
|