عندما يطرح مشروع تنموي جديد ويمثل خطوة تقدمية في المجتمع، يسعى المسؤولون عن هذا المشروع للدفاع والمنافحة عنه بشكل استبسالي ونضالي بحيث يجعلونه المشروع المثالي المطلق المنزه عن الأخطاء، والذي سيحمل الحلول جميعها لمشاكل المجتمع، بل ويصابون بقلق وتحسس كبير من جميع الأصوات المعترضة والرافضة لهذا المشروع.
على الرغم من كونه مجرد خطوة معتقلة بداخل مصيرها البشري تحتمل الصواب وجانبا كبيرا من الخطأ، طالما هي في أرض النظرية فهي مثال جميل ووردي، فقط انتقالها إلى أرض الواقع هو الذي سيحسم الأمر بشأنها، إمَّا أن تفشل كلياً أو تمتلك القدرة على التطور والتقدم وخدمة المصالح التي قامت من أجلها.
وأعتقد بأن ذلك التحسس والقلق اتجاه النقد يعكس طبيعة البنيان الفكري والثقافي الذي نخرج منه جميعاً والمبني على القطعية والحقائق الوحيدة الحاسمة التي لا تقبل الشدَّ والجذب أوالمساومة و النقاش.
جميع الانتخابات (الشرعية) في العالم يكون بها التفاوت بين المنتخبين نسبة ضئيلة تتراوح بين (10% إلى 2%) ومع هذا يحكم الذي يفوز بنسبة ضئيلة وينقل مشروعه الإصلاحي إلى أرض الواقع ويحاول أن يطبقه بصورة إيجابية ومنتجة على الرغم من وجود ما يقارب من نصف المنتخبين ضده.
إذا الآخر المضاد المختلف هو حقيقة واقعة، وبدهية مجتمعية لا تقبل النقاش فلا نتوقع من الجميع الرضوخ والمباركة على طول الخط.
والانتخابات العربية التي تنتهي بالنهاية السعيدة دوما (99.99)، هي ببساطة شكل من أشكال القمع الثقافي الذي يتداخل مع النسيج الفكري لدول العالم الثالث، مجرد وجود معارضين ومتقاطعين وحانقين وحاسدين وفارغين فكراً وعملاً،أو أولئك الذين لا يعملون ويزعجهم أن يعمل الآخرون، لايعني هذا أن أتوقف عن مشروعي، وأستنزف جهدي وطاقتي لإقناعهم ومحاولة استمالتهم، إن أكبر جرم نرتكبه في حق مشروعنا الإصلاحي هو محاولة إرضاء كل الناس.... كلَّ الوقت.
|