لقد أكرم الله هذه البلاد الطيبة بمناطق زراعية شاسعة تتمتع بخصوبة التربة وعذوبة وتوفر المياه واعتدال المناخ الزراعي من منطقة إلى أخرى، بالإضافة إلى ما قدمته حكومة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - من دعم متواصل للمزارعين في جوانب عدة، وهذه العناصر مجتمعة تعتبر من مقومات نجاح استثمار القطاع الزراعي في هذا الوطن المبارك. كل ذلك أدى إلى زيادة الرقعة الخضراء وتنوع الإنتاج الزراعي والحيواني، حتى أصبح ولله الحمد لدينا اكتفاء في إنتاج معظم الفواكه والخضروات والمحاصيل الحقلية والمنتجات الحيوانية، ورقي بالتصنيع الغذائي من حيث الكم والكيف. وبالرغم من هذا التطور الزراعي الملموس فان المجتمع الزراعي يواجه مشكلة حقيقية تعتبر - إذا ما استمرت بدون معالجة مدروسة وموضوعية - عائقاً رئيسياً في استثمار هذا المورد الاقتصادي الهام، وهذه المشكلة تكمن في عمليات تسويق وحماية ودعم إنتاج المزارعين.
تهدف السياسة الزراعية في بلادنا إلى تنويع الإنتاج وعدم التركيز على زراعة القمح، وهذا التوجه بلا شك له إيجابيات عديدة إذا أحسن استغلاله والتخطيط له بشكل علمي. فالمزارع،وكذلك الشركات الزراعية، يواجه مشكلة تسويق منتوجه لعدة أسباب، منها على سبيل المثال عدم وجود قنوات تسويق منظمة وعملية في كافة مدن المملكة، وبالتالي يضطر المزارع إلى بيع منتوجه بأبخس الأثمان مما لا يحقق له الحد الأدنى من تكاليف الإنتاج. ولدعم إنتاج المزارع والمحافظة على هذه الثروة العظيمة فإننا في حاجة ماسة، وبشكل غير قابل للتأخير، إلى دعم إنشاء شركات أو جمعيات تسويقية، والتمكين للقيام بوظيفة التسويق والإنتاج محلياً وخارجياً، وبحيث تكون لهذه الشركات التسويقية فروع تغطي مناطق المملكة، وما يتبع ذلك من عمليات التسويق والتخزين والتوزيع والتصدير، بالإضافة إلى أن يقع تحت مظلة هذه الشركات مصانع تقوم بتصنيع ما يتوفر من مخارج الزراعة بشتى أنواعها.
نقطة أخرى لا تقل عن سابقتها، وهي أهمية حماية إنتاج المزارعين من الإغراق. ان عدم حماية المزارع وفتح السوق على مصراعيه للإنتاج الخارجي (المستورد) له انعكاسات سلبية لا يتسع المجال لحصرها، وسوف تتفاقم المشكلة مستقبلاً بعد انضمام المملكة لمنظمة التجارة الدولية. لذلك لا بد من ان يرتكز الإنتاج الزراعي على مبدأ الميزة النسبية فقط مثل إنتاج الأسماك والدواجن والبيوت المحمية.
إن المزارع المحلي يعاني من هذه المشكلة، وخصوصاً في مواسم الإنتاج المحلي مع ضعف قنوات التسويق - كما أشرنا - وعدم توفر المهارة والمعرفة لدى المزارع لتسويق إنتاجه. لهذا تبرز أهمية حصر وتحديد الفواكه والخضار كماً ونوعاً والتي نحتاج إلى استيرادها حسب الرزنامة الزراعية، وفق ضوابط ومواصفات تسمح للإنتاج المحلي بالمنافسة، وفي نفس الوقت تحد من عملية الإغراق الحاصل في أسواق الخضار، وجعل إجراءات الاستيراد أكثر ضبطاً وتنظيماً وخصوصاً في مواسم إنتاج الخضار والفاكهة، والتي سيكون لدينا منها وفرة كبيرة في الإنتاج المحلي قابلة للتصدير خارجياً، متى ما توفرت قنوات التسويق المنظمة.
تبرز الحاجة إلى توعية المزارعين وإرشادهم إلى ذلك ومساعدتهم، وبالتالي فإننا لن نواجه نقصاً في توفير الخضار والفواكه المحلية في الأسواق خصوصاً متى ما شعر المزارع بأن إنتاجه يلقي الدعم والحماية اللازمة. ومن خلال دعم وحماية الإنتاج المحلي نعمل وبشكل مباشر مؤثر على إنعاش الحركة الاقتصادية في نواحٍ عدة، منها على سبيل المثال زيادة الأيدي العاملة الوطنية في قطاع الزراعة، وزيادة فرص عملها في أسواق الخضار، وتوفر السيولة لدى المزارع مما يساعده على الاستثمار الزراعي وتنوعه. كذلك إلزام الشركات والمؤسسات المعنية بتوفير خدمات التغذية في المستشفيات والمؤسسات الحكومية والعسكرية بشراء المنتج المحلي من الخضار والفواكه والمنتجات الحيوانية، وتعطي هذه الشركات التي تتبنى هذا الاتجاه تسهيلات ودعماً أكثر تشجيعاً وتقديراً من الدولة لها على دعم الإنتاج المحلي.
ولعله من المناسب تقديم بعض البدائل للحماية اللازمة على النحو التالي:
- إعطاء الأولوية والاهتمام للنشاط الزراعي كأحد المنشآت الصغيرة والمتوسطة المطلوب دعمها سواء كان ذلك بمنح أو قروض ميسرة.
- تفعيل نظام الإغراق الجديد.
- تحديد المواصفات الجيدة للمستورد.
- التطبيق الفعلي لنظام الرزنامة الزراعية حيث يمنع الاستيراد من سلع معينة في أوقات الذروة عند نضوج المحصول المحلي.
- تفعيل الاتفاقيات مع الدول واستغلالها الاستغلال الأمثل.
- زيادة مشاريع البنية التحتية مثل الطرق الزراعية والأسواق المركزية.
- سن القوانين والتشريعات التي تنظم العمليات التسويقية.
- دعم الصادرات الزراعية المعاونة بالتصدير بكافة السبل (مركز تنمية الصادرات)، ضمان الصادرات مع التعرف على الاحتياجات ومتطلبات المستورد ..الخ.
- دعم البرامج البحثية التي تخص الزراعة.
- توفير البيانات عن الأسواق المحلية.
أما ما يخص تفعيل التسويق الزراعي، فمن الممكن الاسترشاد بالآتي:
1 - الاستفادة من تجربة شركة ثمار للتسويق الزراعي والشركات الزراعية المساهمة الأخرى.
2 - إحياء دور الجمعيات الزراعية.
3 - إنشاء شركات تسويق زراعية في المناطق الزراعية من قبل القطاع الخاص.
4 - تقنية ما بعد الحصاد.
5 - ضرورة المواءمة بين أنظمة التسويق والإنتاج الزراعي.
6 - الاهتمام بعناصر الجودة التسويقية مثل الفرز والتهيئة والتعبئة والتغليف والنقل والتخزين
|