Monday 23rd February,200411470العددالأثنين 3 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
ستار أكاديمي
عبدالله بن بخيت

حاولت أن أتابع مجريات أحداث ما يعرف بستار أكاديمي وشقيقة الرئيس ولكني بصراحة لم أقو على الصمود، فأنا لم أتعود على متابعة نشاطات بطيئة في عالم مصنوع.
عندما أعلن عن فكرتها كان توقعي لها الفشل الذريع، لكن ما سمعته أن هذه البرامج بدأت تحقق نجاحات كبيرة كما حققت في البلدان المنتجة لها، كنت في الواقع أقارن في ذهني بين المشاهد العربي وبين المشاهد الأجنبي وقررت على ضوء الاختلافات الجوهرية بين الاثنين حكاية الفشل هذه، فما يسميه النقاد تلفزيون الواقع لا يمكن أن ينجح في عالمنا لسبب أعتقد أنه وجهيه، فالناس في عالمنا تعودوا أن يخفوا كثيراً من حياتهم الخاصة حتى البسيط منها وكثير ما يعيش الناس في حالتين مختلفتين واحدة تخصه والثانية للمجتمع، وهذه البرامج بطبيعتها لا توفر لمشاهديها سوى التلصص على حياة المشتركين وتفترض من المشارك أن يقدم حياته الخاصة مادة للمتعة.
من هذه البرامج وبعض البرامج الأخرى تيقنت الآن أننا سوف نقلد برامج الغرب كلها بدون استثناءات ثقافية أو فكرية أو حتى جنسية، والمسألة ليست سوى مسألة وقت، أتذكر عندما بدأ برنامج (ما الك إلا هيفاء) كنا نظن أن هذا البرنامج هو نهاية ما يمكن أن نصل إليه في نقل البرامج الغربية ولكن تبين لي على الأقل أن برنامج ما الك إلا هيفاء ليس إلا مقدمة بسيطة، برهن هذا البرنامج وغيره من البرامج التي لحقت أن الأمة العربية غير مستعدة للدفاع عن نفسها، فالشارع العربي ضحية سنوات طويلة من التبني، في كل دولة عربية تجد أن الشارع العربي لا يملك أدنى درجة من حق تقرير مصيره فهو رهينة للأبوة التي تمارسها الدولة عليه حتى أضحى اتكالياً لا يملك حتى الأدوات التي يحمي بها نفسه.
قبل الحادي عشر من سبتمبر كان الغرب والشرق يفكر قبل اتخاذ أي قرار يمس الشعوب العربية ويعمل حسابها ولكن بعد الحادي عشر من سبتمبر بعد أن أظهر الغرب غضبة قاسية وبدأ ينفذ برامجه اكتشف أن مخاوفه القديمة لا أساس لها، فالإنسان العربي سلبي وغير موجود، فطول الإقامة في الأبوة الحانية التي مارسته عليه كثير من حكوماته جعلته اتكالياً لا يملك حتى القدرة على الاحتجاج فضلاً عن أن يقوم بتنظيم نفسه والدفاع عنها، كنت سأعطيكم مثالاً من تصرف الحكومة الليبية في مقابل الغياب التام لموقف الشعب الليبي من هذه الإجراءات حتى ان الصحف العربية ووسائل الإعلام لم تكلف نفسها عرض موقف الشعب الليبي من تصرفات حكومته، فستار أكاديمي والرئيس وغيرها من البرامج المستوردة ليست سوى امتداد لسلبية الشعب العربي أمام تصرفات حكومته، كثير من الحكومات العربية لا تملك سوى الدفاع عن وجودها فهي تتكيف وفقاً للظروف الموضوعية التي تهددها، وأمام غياب دولة المؤسسات في العالم العربي لا يمكن أن يشكل العربي تهديداً لأي قوة، فمؤسسات المجتمع المدني هي روح الجماعة وهي القوة التي تعبر عن فكر الأمة، وغياب هذه المؤسسات هو غياب الأمة نفسها، فمؤسسات المجتمع المدني مثل النقابات والاتحادات والجمعيات والبرلمانات وغيرها هي الضمانة الوحيدة التي يمكن أن تحمي الأمة من الأخطار سواء العسكرية أو الفكرية، مثلا فإذا أردنا أن نصدر ميثاق شرف يحكم العمل الصحفي، من يجمع الصحفيين ومن يتقدم بالمشروع سوى نقابة الصحفيين أو جمعيتهم.
نسمع هذه الأيام صرخات تطالب المعلن بوقف دعم القنوات التي تسيء للدين أو للقيم الوطنية الأساسية من خلال إعلاناته فيها، الصرخات هذه موجهة لمن؟ من هي الجهة التي تأخذ هذه الصرخات وتحولها إلى برامج عمل، فالمعلن الفرد لا يمكن أن يستجيب وحده، وإذا استجاب هذا المعلن فلن يستجيب الآخر لأنه يريد أن يحقق الربح، فلو توفرت في العالم العربي نقابة المعلنين لمارس الشارع العربي الضغط على هذه النقابة وبالتالي صاغت هذه النقابة ميثاقاً يلتزم به كل المعلنين.
بعدها يصبح لدينا قوانين وأنظمة نابعة من الناس تحكم ما يبث في هذا التلفزيون وتلك المحطة، فغياب مؤسسات المجتمع هي التي قادتنا وتقودنا إلى كل هذه الكوارث التي (ما خفي منها أعظم).

فاكس 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved