Monday 23rd February,200411470العددالأثنين 3 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شئون عمالية شئون عمالية
أكثر من ملياري ريال على التعليم خارجياً أليس بلادنا ومجتمعنا أولى بها ؟!
عبد الله صالح محمد الحمود(*)

بدون مقدمات أو أية أحاديث، طالت أم قصرت، حول مدى حاجة المجتمعات إلى التعليم بكافة فئاته، لأن ذلك أمر لا يخفى بخافية عن أحد، فتلك تعد سياسة رئيسة يعود أثرها الإيجابي على المجتمع من نواحي عديدة، أهمها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والأمني، ولهذا سوف أنقل خبراً صحفياً نشرته جريدة الاقتصادية في عددها رقم (3758) الصادر يوم الأحد الموافق 25-1-2004م حول التكلفة الإجمالية لإنفاق السعوديين على التعليم العالي في الخارج، ومن ثم نعرج إلى التعليق عليه.
يقول الخبر: (ينفق السعوديون أكثر من 2.3 مليار ريال سنوياً على التعليم في الخارج كمتوسط إنفاق!! إذ وصل عدد الدارسين بالخارج إلى 15 ألف و 516 طالبا وفق أحدث إحصائية قامت بها وزارة التعليم العالي على مستوى الملحقيات الثقافية السعودية شملت الطلاب والطالبات الدارسين على حسابهم الخاص أو على حساب الدولة، وقدَّر وكيل وزارة التعليم العالي للعلاقات الثقافية تكلفة دراسة الطالب السعودي بالخارج بنحو مائة وخمسين ألف ريال سعودي سنوياً... انتهى)، القضية هنا ينجم منها عدة وقفات، تحمل في ثناياها العديد من التساؤل والاستفسار، وترسم على الوجوه علامات الحزن والأسى لدى الجميع، بسبب السياسة الغامضة لدى هذه الوزارة، ومن تلك الوقفات نقول إنه مع ازدياد النمو السكاني المتنامي في بلادنا، واختلاف وتعدد الثقافات البشرية، واحتياج سوق العمل لدينا إلى مخرجات نوعية، وتعطش أبنائنا وبناتنا لمواصلة دراستهم الأكاديمية، لاتزال هذه الوزارة سلبية العطاء، وظلت واقفة موقف المتفرج دون أن تحرك ساكناً في إحداث نقلات نوعية نحو التوسع في القبول للدراسات الجامعية بالشكل المرضي، وكذا التنوع في المخرجات التعليمية، فهي تطالعنا من وقت لآخر، معلنة لنا أنها تقوم بأنشطة تتمثل في عقد اجتماعات مع جامعاتها من خلال مجالسها، والقيام بالندوات العلمية والثقافية التي تتم بين وقت وآخر داخل أروقة جامعاتها أيضاً، وهي تحاول في ذلك إشعارنا أنها تناقش وتدرس ما تعتقد به أنه يهم مسيرة التعليم العالي في البلاد، ونحن كمواطنين لم نلمس شيئا واضحا وصادقاً من هذه الوزارة، فعدد الجامعات هو العدد المتوافر لدينا منذ أكثر من عشرة أعوام، وسعيها أخيراً إلى ضم كلياتها في بعض المناطق واعتبارها جامعة أو جامعتين لن يخدم قضايا التعليم العالي نحو تطلع مأمول، لأن الإمكانيات في تلك الجامعات الوليدة سوف تكون هي نفسها وهي فروع للجامعات أو الكليات الأم، وإن حدث اختلاف أوسع أو أكبر على حد اعتقادها فهو يعد أمراً محدوداً، ولن يوحي للعامة بإيجاد تحول أو تطور نوعي، وبهذا لن يصل الأمر بكل تأكيد إلى مستوى درجة فتح أو إنشاء جامعة بالمفهوم الأكاديمي المتعارف عليه عالمياً، ونقول عالميا لأننا ولله الحمد إلى حد كبير في مستوى المقارنة مع الدول المتقدمة، والمؤسف له أن هذه الوزارة تشاهد بل تلاحظ من يتقدم إليها من طلاب وطالبات كل عام، طالبين أخذ موافقتها الرسمية للدراسة في الخارج سعيا لضمان معادلة شهاداتهم الدراسية، وتمنحهم على الفور الموافقة بعد استكمال الشروط الموضوعة، متناسية وقتها ما سوف ينجم من جسامة في المسؤولية التي تنعكس سلباً على البلاد والمجتمع من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، جراء مغادرة هؤلاء الشبيبة إلى بلاد الغربة، وهم في مرحلة الشباب، تلك المرحلة التي تعرف اجتماعياً بالمرحلة الفوارة، وبالتالي عودتهم بأفكار ربما لا تخدم مستقبلهم ومستقبل وطنهم، وهنا لست ضد سياسة الابتعاث، فتلك سياسة أدرك كما يدرك غيري أن لها فوائدها ومكاسبها التي لا يتاح المجال لذكرها هنا، وإنما بلادنا من نواحي عدة هي أولى باحتضان ذلك الكم الهائل من الطلاب المبتعثين بما يعود عليها بالنفع والفائدة، وقادرة بشكل أو بآخر على توظيف الأموال المنفقة من الجانبين الحكومي والأهلي على التطوير ولو جزئيا لسياسة التعليم العالي في البلاد، والوزارة مع الأسف الشديد وهي تخرج لنا هذه الإحصائية التي يحضر فيها الرقم المالي وتغيب عنها المسؤولية الاجتماعية، مع عدم الوضوح حول ما سوف ينطوي عليه المستقبل الأكاديمي في البلاد، يجعلنا في حيرة من أمرنا عن مستقبل التعليم العالي الغامض في البلاد، إن وزارة التعليم العالي في سياستها الحالية، نعتقد بل نجزم أنها لا تسير وفق خطط تطمح إليها البلاد، فقبول الطلاب بجامعاتها متدن للغاية، والمخرجات فيها لا تتفق ومتطلبات سوق العمل، والسماح للدراسة في الخارج في نمو متزايد، إضافة إلى ماقد ينجم من قضايا عديدة اجتماعية منها وأمنية جراء هذه السياسة غير المعروف مصيرها، فلا الوزارة سعت إلى إعادة هيكلة أنظمتها وأنظمة جامعاتها بما يخدم مصالح البلاد التعليمية والثقافية، ولاهي التي رسمت خطة واضحة المعالم ولو وقتية الزمن لمعرفة مصير أبنائنا وبناتنا غير المقبولين في جامعاتها حاليا والقادمين إليها في السنوات القادمة الذين ينشدون القبول أيضاً، إلا إذا كانت الوزارة تريد أن ننتظر وننتظر إلى أن تكثر وتزدهر لدينا المؤسسات التعليمية الخاصة على حساب المجتمع وأفراده، مما يتسبب الأمر معه وأمام جل هذا المجتمع الذي لن يقوى على اتباع سياسة التعليم المدفوع، وبالتالي يفقد مزية التعليم العالي في بلاده، إضافة إلى فقدان الكثير من المداخيل الاقتصادية، لمن يلتحق في الجامعات الأهلية، فإن كان هذا هو ما تراه الوزارة الموقرة، فذاك شيء آخر!!! والله المستعان.

(*)الباحث في شؤون الموارد البشرية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved