* خاتمة واقتراحات:
* ألمحت بإيجاز في الحلقة السابقة إلى بعض ما تضمنه كتاب (خطاب إلى الغرب: رؤية من السعودية) الذي أعدّته ثُلةٌ مباركة من العلماء والمثقفين السعوديين، تصدُّوا من خلاله لبعض طروحات الاعلام الغربي ضد المملكة العربية السعودية، ممثلة في دينها ومناهجها التربوية، والدينية منها خاصة، ونهجها العام في المجتمع والحياة.
**
والكتاب بحق (مرجعية) فكرية هامة تعرض (وسطية) الدين الاسلامي الحنيف، وتنزهه مما ألصق به ظلماً وبهتاناً من شبهات وظنون أفرزها الجهل به، وعززتها بعض الممارسات المنحرفة مما بات يعرف ب(الإرهاب) في شتى صوره وأشكاله، وكانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر المدمرة عود الثقاب الذي أوقد مجدداً نار الإفك وظن السوء عن هذه البلاد وأهلها، فاتهمت بأنها (تصنّع) الإرهاب و(تصدّره)، في الوقت الذي لم تسلم فيه هي من عبثية الإرهاب، على يد بعض شواذ الفكر من أبنائها، بتحريض وتصريف من لدن عناصر مشبوهة مناوئة لها خارج حدودها.
**
* وبوجه عام، أجزم أنني لا أستطيع أن أنصف هذا الكتاب وصفاً وتحليلاً ونقداً، وأعتقد أن هناك من هم أطول مني باعاً وأندى يراعاً لإكمال هذه المهمة، لأن الكتاب، كما أسلفت، يستحق أكثر من وقفة تأمل من لدن متخصصين، في الدين والتربية والإعلام.
* وأختم هذه الحلقة بعدد من الملاحظات، أوجزها في السطور التالية:
* أولاً: أتمنى أن يقرأ هذا الكتاب كلُّ مثقف وكاتب سعودي وعربي معنيّ بموضوعاته، بقصد تصحيح رؤية له لا تؤيدها الحقائق، أو التعرّف على مفاهيم ورؤى جديدة لم يعهدها من قبل.
**
* ثانياً: أعتقد جازما أن الكتاب لن يبلغ مداه أو يحقق نفعه المنشودين ما لم يترجم إلى أكثر من لغة أجنبية، والانجليزية خاصة، من لدن فريق عمل محترف ومتخصص في قراءة النصوص وترجمتها، عبر سياق لغوي يفهمه العقل الغربي، فهناك ملايين العقلاء على ضفتي (الأتلانتيك) الأوروبي والأمريكي يضنيهم الظمأ تطلعاً للحقيقة عن الإسلام وأهله، ومن ثم الفرار من حصار الإعلام الغربي المسيّس من لدن أتباع الصهيونية العالمية وأنصارها.
**
* ولذا، فإن كتاباً كهذا سيحل ضيفاً على مائدة العقل الغربي، متى أُحسن تحويله من نصّه العربي الحالي، إلى نص يقرأه أكثر من لسان، وأن يتم ذلك بلغة يستوعبها أهل هذا اللسان، مفردات ونصّاً!
**
* ثالثاً: تبرز في تقديري المتواضع أهمية نقل محتويات هذا الكتاب بتصرف علمي وحضاري ذكي، إلى لغات العقل الغربي من موقف تراءى لي منذ كارثة الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وهو أن (محاكمة) الإنسان السعودي، معتقداً وكياناً وأسلوب حياة، من لدن بعض دوائر الإعلام الغربي، تتكئ في الأصل على ضجة افتعلتها وروّجت لها دوائر صهيونية -داخل أمريكا وخارجها- بهدف تحريض صانع القرار السياسي في أمريكا ضد بلادنا (انتقاماً) من مواقفها المشرفة إزاء القضية الفلسطينية، إسلامياً وعربياً ودولياً.
**
* وليس في ذلك من جديد، فالحقد الصهيوني أو (المصهين) إعلامياً ضد المملكة، كان قائما منذ زمن طويل سبق أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وجاءت هذه الكارثة برموزها ونتائجها وتداعياتها المعروفة لتقدم للإعلام الصهيوني على طبق من فضة (تعزيزاً) جديداً لحملته الظالمة على المملكة، وساعد على ذلك كله غياب الحضور الإعلامي الذكي والدائم لبلادنا في محافل الفكر والسياسة داخل أمريكا، فاستثمر رموز العداء الصهيوني هذا الفراغ الإعلامي، وراحوا يعزفون منفردين كل لحن نشاز إساءة إلى هذه البلاد، ومن ثم، أرى أننا نفتقر إلى أكثر من كتاب كهذا، ولعله خطوة أولى ضمن مشوار طويل!.
**
* رابعاً: كنت أتمنى أن يكون لطيْفنا النسائي المثقف (تمثيلٌ) أثرى حضوراً في هذا الكتاب، بدلا من الاقتصار على اسمين فقط، هما الدكتورة نورة السعد والدكتورة جواهر العمر، مع كل التقدير والاحترام لكل منهما، وتقوم حجتي في هذا الصدد على ما يلي:
1) أن المرأة السعودية المثقفة، وإن قل حضورها عدداً، شريك كفء لشقيقها الرجل في تشكيل المشهد الثقافي، والتعبير عنه على قدم من العدل وكفاءة الأداء.
**
2) أن كتاباً كهذا -يحمل خطاباً قوياً إلى الغرب في قالبٍ حضاري مطرز بالعقل والحكمة، ويطوف العالم بأكثر من لغة حية- حريُّ أن يضم بين صفحاته أكثر من شاهدين على ثقافة المرأة السعودية وعطائها!
**
* خامساً وأخيراً: كنت أتمنى لو أُلحقت بالكتاب (ترجمات) لمعدّيه الأفاضل، العلماء والمثقفين والكتَّاب، إشهاراً لفضلهم، وتعريفاً لمن قد لا يعرف عن بعضهم شيئاً.
|