* كتب - سعود عبدالعزيز:
استقبلت الجماهير النصراوية (الصابرة) العام الهجري الجديد 1425هـ بتلقي فريقها الكروي هزيمة تاريخية من نظيره الشبابي وصلت إلى ستة أهداف اهتزت لها شباك الحارس المسكين محمد شريفي الذي لم تفد كل محاولاته دون حدوث الخسارة الكارثة التي أساءت لسمعة النصر، وجعلته محطة للتزود بنقاط لكل مَن أراد تحسين وضعه في سلم الدوري. ما حدث ليلة السبت الماضي كان متوقعاً في ظل التخبطات الإدارية وتراكمها طوال السنوات الماضية؛ لتقع الفضيحة التي يجب أن يحقق مع مَن كان السبب فيها وإبعاده عن النصر ليعود النادي العريق لإكمال مسيرته الرياضية.
لقد تعرض النصر في الأعوام الأخيرة لجملة أخطاء ساهمت في تدهوره، ليس في كرة القدم فقط، بل في جميع الألعاب وكافة الأنشطة الثقافية والاجتماعية، حتى إنه خرج في العام الماضي بدون أن يكون اسمه موجوداً في قائمة الأبطال لجميع الألعاب الرياضية وبقية الأنشطة الثقافية.
******
إن النصر في الوقت الراهن بحاجة إلى غربلة إدارية سريعة، وهذا الأمر لن يرى النور إلا بعد أن تعلن الإدارة الحالية بكافة أعضائها كبيرها وصغيرها إعلانها المباشر بالاستقالة وتسليم النادي لأبنائه المخلصين الصابرين الذين ينتظرون خدمته وصناعة القرار فيه منذ سنوات طويلة. وإذا اتخذت الإدارة الحالية قرار الاستقالة والابتعاد النهائي عن النصر فإنها ستكون قدمت العمل الصحيح، وسيتقدم بعدها النادي الكبير خطوة للأمام. أما إن أصرت على الاستمرار وواصلت الرفض وقررت البقاء فإن مزيداً من المشاكل الفنية والإدارية ستصيب النصر بالإحباط، وستلحق كرة القدم ببقية الألعاب.
لا لذر الرماد في العيون
طالعتنا بعض الصحف المحلية الصادرة يوم أمس بأن الإدارة النصراوية في طريقها لإلغاء عقد المدرب ريدنيك وإبعاد بعض اللاعبين مع تقديم مدير الفريق لاستقالته. وهذا الإجراء لا يعدو كونه سوى ذر الرماد في العيون؛ فالعناصر السابقة ليست مَن تسببت في حدوث الكارثة؛ فهي عملت وفق الإمكانيات المتاحة لها، ولا تستطيع أبداً تقديم أكثر مما قدمت. ولهذا فإن هذا الإجراء غير كافٍ وغير مقبول، فالمطلوب استقالة الإدارة بكافة أعضائها.
نصف قرن من الخبرة واللاعب الأجنبي لم يحسم
تملك الإدارة النصراوية الحالية خبرة طويلة في مجال العمل الرياضي تصل إلى نصف قرن تقريباً، وبالرغم من هذا العمر الطويل والخبرة الكبيرة إلا أن أمر اللاعب الأجنبي لم يحسم بعد، فالتجارب بدأت منذ شهر أغسطس/ آب 2003م عندما شارك النصر في بطولة الصداقة الدولية وحتى اليوم في الثلث الأخير من شهر فبراير والإدارة ما زالت تواصل مسلسل تجارب اللاعبين الأجانب رغم أن المسابقة الكبرى شارفت على النهاية والموسم الرياضي اقترب من الختام. وهذه الفوضى في عملية اختيار اللاعب الأجنبي تعود لعدم القدرة على المحافظة على اللاعبين المميزين. الثلاثي روك بوسكاب وتورنيو وخوليو سيزار الذين تم التفريط بهم بصورة مأساوية جعلت كل مَن يتذكرهم من النصراويين يعض أصابع الندم، فالثلاثي الكبير الذي سجل معظم نتائج النصر في العام الماضي انضموا للفريق الأصفر بأسعار مناسبة، ومع هذا تألقوا وبرزوا وقدموا أفضل العروض وكسبوا احترام الجماهير النصراوية، لكن سياسة محاربة النجوم انتصرت في النهاية ليتم طردهم واحداً بعد الآخر، بل إنهم رحلوا وهم يحملون أسود الذكريات عن النصر مقدمين شكاوى للحصول على حقوقهم المادية من الاتحاد الدولي؛ ليتم إحضار بدلاء عنهم ضعيفي المستوى قليلي الحيلة، باستثناء البرازيلي كاريوكا، الذي أعطى النصر هيبة بفضل ميزة تسديد الضربات الثابتة، لكنه لم يستمر بعد أن خلقت الإدارة معه مشكلة مالية بعدم استلامه لمرتباته، حتى المدرب الجيد تقريباً رحل هو الآخر لعدم استلامه لمستحقاته المادية، والسبب يعود لخسارة النصر للعضو الداعم بعد التصريح الشهير.
غياب أعضاء شرف النصر
يعاني النصر من غياب تام لأعضاء شرف، حتى إنه في الموسم الحالي لم يتابع مع الفريق عضو شرف واحد ولم يدخل إلى النادي. وهذه المقاطعة التامة لأعضاء الشرف هي رسالة واضحة منهم للإدارة المالية أنهم لا يريدون التعاون معها بعد أن قامت بتهميشهم. وكان على الإدارة أن تفهم الرسالة البليغة منهم وتقدم استقالتها وترحل؛ لأن هذا يصب في مصلحة النادي العليا، أما التمسك بالمنصب والاستمرار فهو يضر ولا يفيد، وهذا ما شاهده الجميع في الفترة الماضية.
نكبة الهريفي وتجاهل ماجد حرم النصر من المواهب
تضم مدينة الرياض والقرى المجاورة لها العديد من المواهب الصغيرة في كافة الألعاب، لكن هذه المواهب ترفض الذهاب لنادي النصر وتفضل الانضمام للهلال والشباب. أما لماذا؟ فإن هذا المفهوم الذي لديهم حدث بعد واقعة فهد الهريفي الذي قاد النصر لعدة ألقاب، وجلب العديد من المحبين له، لكنه تعرض لإساءة كبرى بأن تم طرده من النادي رغم أنه لم يفعل شيئاً. أم الموضوع الأخطر فهو الجحود الذي تعرض له ماجد عبدالله وتسويف حفل اعتزاله لعدة سنوات. هاتان الحادثتان ولَّدت لدى المواهب الصغيرة أن النصر نادٍ المستقبل فيه غير مضمون. كما أن أولياء أمور المواهب الصاعدة لديهم فكرة عن الأندية وإدارييها، بعكس أولياء الأمور السابقين الذين يجهلون ما يدور في الأندية. ما حدث للهريفي وماجد أجبر المواهب الصاعدة على الذهاب للهلال والشباب. وقد شاهدنا كيف أن الشباب تزدحم صفوفه بالمواهب الصاعدة، وكذلك الهلال، في حين انضم للنصر مَن لم يجد له فريقاً، على طريقة مجبر أخاك لا بطل.
مَن يضحك أخيراً
فريق الاتحاد الذي يتصدر المسابقة بفارق كبير من النقاط ويضم معظم نجوم الكرة السعودية ولم يتعرض لخسارة حتى الآن، ومع هذا لم يطلق رئيسه منصور البلوي أن البطولة للعميد، بل دائماً يقول: إن الكرة تخدم مَن يخدمها، وإنه سيعمل على توفير المتطلبات لضمان التواجد في المنصات. وعلى العكس تماماً النصر الذي يعاني من عيوب في جميع الخطوط، والمرتبات لا تُصرف، واللاعب المصاب لا يعالج، والمكافآت تتأخر، والعناصر الأجنبية لم تكتمل، يخرج إداريوه عقب كل مباراة ويؤكدون أن البطولة للنصر، والمهم مَن يضحك أخيراً، حتى تعرض الفريق لفضيحة كروية وصلت إلى ستة أهداف تاريخية.
|