أما بعد أخي الكريم (علي الشهري- الرياض) فقد بعثت إليَّ برسالة جميلة حبلى بالأسئلة الجدية والطريفة في آن. ولنبدأ أولاً بالسؤال (الوكالة).. حيث أوكلت إليَّ أمر طرح هذا السؤال على أحد الزملاء الكتَّاب، لا بل وزدت على ذلك بأن طلبت مني نشر إجابة هذا الزميل في شدو، وهذا أمر أخي علي لا أستطيع القيام به، فالكاتب مثل القارئ له من الخصوصية ما يحتم توجيه السؤال إليه مباشرة لاسيما حين يكون محور السؤال بعض الأمور الشخصية، كما هي فحوى سؤالك المعني. أما تساؤلك عن عدم تذييلي لزاويتي بعنوان بريدي أو (إي ميل) وذلك لغرض التواصل مع القراء، فمرد ذلك أسباب عدة من ضمنها عامل عدم توفر الوقت علاوة على إني كنت قد فعلت ذلك في السابق غير إني عدلت عنه فيما بعد وعلى وجه التحديد منذ أحداث 11 سبتمبر الارهابية، وذلك بسبب نوعية أو بالأحرى عدائية بعض ما كنت أتلقاه من الرسائل بالإضافة إلى أسباب أخرى لا فائدة من وراء البوح بها صحفياً.. أما عن أطرف رسالة تلقيتها كما هي فحوى سؤالك الآخر فهي عبارة عن رسالة (يدوية!)، حيث سلمني إياها أحد طلبتي بيده مشدداً حينها على ضرورة العناية بها وذلك لكونها-حسب قوله- من أحد جيرانه الأعزاء عليه.. أما فحوى هذه الرسالة فيكفي أن أقول إنه لو علم طالبي العزيز -ساعي البريد- بما حملته هذه الرسالة في ثناياها لما تجرأ على نقلها.. ومع ذلك عبرت على خير.
أما سؤالك الأخير والذي هو عبارة عن شكوى من عدم تقبل البعض لما تورده أحياناً من حقائق ثابتة علمياً فلعلك تلاحظ أخي علي أنك قد ذكرت (البعض) مما يدل- بالاستنتاج- على اقتناع البعض الآخر وهذا يكفي طالما أنك وكما ذكرت نصاً(على يقين من حقيقية معلوماتك)، ومع ذلك دعني أذكرك أولاً: بأن الأصل في العلم (الشك) لا اليقين، وفي هذا المنحى فبوسعك أن تقرأ بعض المؤلفات في هذا الشأن وما أكثرها.. ثانياً: من الأهمية بمكان أن تعرف طبيعة المتلقي منك.. تجس طبيعة فكره وتجوس في نوعية طرائق تفكيره.. وذلك لكيلا تقع ضحية لمغبات التحدث إلى الناس بما لايعقلون.. وفق القول المأثور:(حدثوا الناس بما يعقلون... إلخ.).. ثالثاً: لا تتردد عن إبلاغ من يشكك في مصداقية ما تورده من الحقائق بالحقيقة الماثلة في (حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء).. كما هو عجز البيت الشعري المشهور، بل إليك في هذا المنحى بهذه القصة التراثية: حيث يحكى أن الشعبي سمع فتى ذكيَّاً وهو يتحدث في علم من العلوم وحينها قال له الشعبي: ما سمعنا بهذا من قبل.. فبادره الشاب بالقول: وهل كل العلم سمعت..؟ قال الشعبي: لا.. فقال الفتى: وهل بنصف العلم سمعت..؟ فرد الشعبي بالنفي أيضا.. وهنا بادره الشباب ناصحاً بالقول: إذن فلتجعل هذا الذي سمعت مني من ضمن النصف الذي لم تسمع عنه من قبل..! متمنياً لك أخي علي التوفيق والسداد.
|