في تحول مدهش للأحداث، اتخذ الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون خطوة أولى مثيرة نحو تطبيع العلاقات مع الصين الشيوعية بالسفر إلى بكين لعقد أسبوع من المحادثات في مثل هذا اليوم من عام 1972، حيث بدأت زيارة نيكسون التاريخية مرحلة إعادة توطيد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وقد فاجأ نيكسون الشعب الأمريكي، وهو ما زال متورطاً في حرب فيتنام المحبطة، بالإعلان عن القيام بزيارة للصين.
ولم تتوقف أمريكا عن الاعتراف رسمياً بالصين عقب ثورة ماو زيدونج الشيوعية الناجحة 1949.يذكر أن القوات الصينية والأمريكية قد خاضت حرباً في كوريا في بداية الخمسينيات، ودعمت المساعدات والمستشارون الصينيون فيتنام الشمالية في حربها ضد أمريكا.
وبدا نيكسون غير مرشحا لإذابة جليد هذه العلاقات.
فخلال فترة الأربعينيات والخمسينيات أدان نيكسون حكومة هاري إس.
ترومان الديمقراطية لخسارتها الصين وتركها للشيوعيين، إلا أن الموقف قد تغير كثيراً منذ ذلك الحين.
ففي فيتنام، أصبحت روسيا وليست الصين من أكبر المؤيدين لنظام حكم فيتنام الشمالية.
ولم تكن الحرب في فيتنام تسير على ما يرام وضاق ذرع الشعب الأمريكي بحثاً عن نهاية للحرب، وكان من الواضح جداً أنه لن يكون بوسع الأمريكان إنقاذ حليفتهم فيتنام الجنوبية من أعدائها الشيوعيين.
وتزايد الخوف الأمريكي من وجود كتلة شيوعية موحدة بعد اندلاع الحرب الكلامية والمناوشات على الحدود بين روسيا والصين في الستينيات.
ورأى نيكسون وهنري كاسينجر مستشار الأمن القومي أن الفرصة مواتية في مثل هذه الظروف لطرح مقترحات دبلوماسية للصين لجعل الاتحاد السوفيتي يلين لمطالب السياسة الأمريكية.
هذا، وقد كان من المقرر أن يسافر نيكسون لمقابلة الزعيم الروسي لينويد بريجنيف بُعيد إتمام زيارته للصين.
ولذا، كانت زيارة نيكسون للصين حركة محسوبة لوضع خلاف بين أكبر دولتين شيوعيتين.
وبإمكان الولايات المتحدة استخدام العلاقات الوثيقة مع الصين كعامل فعال في التعامل مع السوفيت ولاسيما في قضية فيتنام، علاوة على أنه سيكون بوسع أمريكا الاستفادة من الصين كقوة موازنة لفيتنام الشمالية.
ورُغم ادعاءات التضامن الاشتراكي، كانت الصين وفيتنام في أغلب الأحوال حليفين يشك في بعضهما الآخر.
وكما قال المؤرخ والتر لافيبر:(بدلاً من استخدام فيتنام في احتواء الصين، استنتج نيكسون أنه من الأفضل استخدام الصين لاحتواء فيتنام).
ومن جانبها، كانت الصين ترغب في وجود حليف آخر في ظل علاقتها شديدة التوتر مع الاتحاد السوفيتي، وبالتالي رحبت باحتمال زيادة العلاقات التجارية بين أمريكا والصين.
|