كتب الأخ سليمان العقيلي في عدد الجزيرة 11448 تاريخ 10 من ذي الحجة 1424هـ موضوعا كان بعنوان أيتها المرأة.. أطلي من نافذة عقلك لا من وجدانك..
وكان ذلك على صدر العزيزة.. دعا فيه الأخ الفاضل المرأة الى عدم التبرج والسفور والالتزام بتعاليم الدين الاسلامي الحنيف.. وقدم بعض النصائح للمرأة والتي يشكر عليها.. فأحببت أن أشارك برأيي المتواضع في هذه القضية فأقول مستعيناً بالله: تحدث الجميع عن المرأة، الكل كتب, الكل ألف, والكل ناقش قضية المرأة من جميع الجوانب.. جمالها، مكانتها.. أدبها.. عملها.. تبرجها، سفورها.. أخلاقها.. تعاملها وتربيتها.. إلخ حتى سلوكها وتصرفاتها وأصبحت المرأة في معظم الأحيان هي الشغل الشاغل لكثير من الناس.. فهذا يمدح وهذا يقدح وينتقد وذلك يتهم وآخر يدافع وبعضهم بين هذا وذاك.. المهم أنهم قالوا الكثير وأعتقد أنه بقي الكثير أيضا من خفايا وأسرار المرأة.. ولكن في كل ما قيل وفي كل ما ألف وكتب عن المرأة وفي ظل هذا الخضم الهائل من المقالات والمؤلفات والكتب هل كانت النتيجة تقول بأن المرأة مصدر شقاء وتعاسة أم أنها مصدر فرح وسرور وسعادة؟
هذا هو السؤال.. وفي كل الأحوال مهما كانت سلبيات المرأة في نظر البعض إلا أنها تبقى هي الأم الرؤوم والأخت الحنون والزوجة وتبقى مزاياها نوراً يضيء جبينها ويضيء لها طريق حياتها حتى وإن كان مليئا بالأشواك.. صحيح أن المرأة قد تكون سبباً لتعاسة مؤقتة ومشاكل غير دائمة وقلاقل لا تلبث أن تزول ولكن ليس في كل الأحوال.. ولو توقفنا قليلاً وأمعنا النظر فسألنا أنفسنا سؤالا.. ما الذي حدا بالمرأة يا ترى الى فعل مثل هذه التصرفات والسلوك غير الحميد أو المشين في نظر البعض؟ لو فكرنا في الاجابة العقلانية والمنطقية لوجدنا أن المرأة تعاني من بعض المشاكل النفسية أو الاجتماعية أو الأسرية أو الاقتصادية أو حتى الشخصية التي قد يعرفها الجميع وقد لا يعرفها أحد إلا هي.. فلكل سبب مسبب ولكن تصرف دوافع دعت اليه.. فالشخص المتزن بالتأكيد هناك أسباب جعلته كذلك والعكس صحيح.. فالتنشئة الاجتماعية والأسرة والبيئة بما تحويه من نظم اجتماعية وعادات وتقاليد وأعراف ومبادئ وقيم تلعب دوراً كبيراً بعد المولى في تكوين شخصية الفرد وحتى المستوى الاقتصادي يلعب دوراً كبيراً في ذلك خصوصاً اذا ما عرفنا أن هناك ثقافة مستقلة بحد ذاتها تسمى ثقافة الفقر.. ولا ننسى تأثير الجانب الوراثي أيضا.. إذن لماذا لا نحاول البحث عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك وما تخلف عنها من نتائج سلبية وحاولنا بكل الطرق الممكنة والمشروعة أن نصل الى الجذور والأعماق لنستأصل هذه الأسباب بقدر الامكان التي دفعت بالمرأة الى هذا التصرّف الذي لا نقبله ولا تقبله أسرتها أو مجتمعها.. لو وضعنا أيدينا على تلك الأسباب وأوجدنا لها الحلول المناسبة في الوقت المناسب لعادت المرأة في طبيعتها التي فطرها الله عليها من طيبة وحنان وأمن وأمان وأنوثة حقة وأصبحت المرأة هي الأم المؤمنة الصالحة والزوجة الوفية والأخت المثالية.. إذن لا يجب أن ننظر الى المرأة كما يجب أن تكون بل يجب أن ننظر اليها كما هي كائنة بالفعل وكما هي كائنة الآن وأن نتعامل معها بكل صدق ونحاول أن نزيل من طريقها كل الصعاب والعقبات بكل الطرق المشروعة والممكنة وان نجد حلولاً مناسبة لمشاكلها وأن نوفر لها الجو النفسي المريح وبالتالي نستطيع أن نطالبها بأن تؤدي دورها على أكمل وجه وتكون ملومة في هذه الحالة اذا لم تعمل بما يناط بها من مسؤوليات.. فكيف تطلب مني أن أؤدي واجباتي دون أن توفر لي الحقوق وتعطيني الامكانات التي تمكنني من أداء تلك الواجبات.. إذن أعطني حقوقي.. أعطِكَ واجبات..
هذه هي المرأة وهذا هو وضعها وهذه هي الحقيقة المفروضة علينا وعليها.. المرأة خيرة وطيبة وهي التي تحمل أعظم رسالة سامية للأجيال القادمة.. ولكن قد تعترض طريقها كأي انسان في هذه الدنيا عقبات ومصاعب من أي نوع كانت.. كبتاً، عزلة.. تفككاً أسرياً.. إهمالاً وضياعاً تربوياً.. صراعات نفسية وتناقضاً داخلياً تصادماً مع الواقع، طلاقاً وعنوسة.. كل هذه الأشياء وغيرها كثير قد تجعل من المرأة انسانة غير سوّية، انسانة عدوانية يمكن أن تكون سبباً لتعاسة نفسها والغير.. سواء أكان هذا الغير زوجها أو أسرتها أو مجتمعها..
كل هذا ونأتي نحن ونزيد الطين بلّة ونلومها وكان من الأولى أن نضع يدنا على جرحها ونداويه! إذا فعلنا ذلك عندها سنرى الوجه الحقيقي للمرأة الذي ينضح بالتفاؤل والأمل والتضحية والوفاء والاخلاص والعزة والإباء والشمم..
وكل هذه الأشياء الايجابية للمرأة تنبع من الأسرة أولاً من خلال التنشئة الأسرية السوية التي تقوم على المبادئ والقيم الاسلامية التي تكفل لكل انسان حياة كريمة بإذن الله وتقيه من الكثير من الشرور والصراعات والمشاكل.. فإذا خرجت المرأة كذلك استطعنا أن نخرج أجيالاً يشهد لها التاريخ والزمن..
عبدالرحمن عقيل حمود المساوي
إخصائي اجتماعي - الرياض 11768 - ص.ب 155546 |