Saturday 21st February,200411468العددالسبت 1 ,محرم 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مناهجنا .. ورؤية الميدان مناهجنا .. ورؤية الميدان
غالب العوفي / بريدة

قيل: اتفق العرب على ألا يتفقوا.. وفي المثل الشعبي: قال: «يا كثر كلام العرب»، قال: من ترديده.. هذان مثلان سائران ربما لا يجدر أن ينطبقا في مجال الحديث عن مناهج التعليم على القائمين على تطويره وابتكاره، إلا أنهما ينطبقان على ما دون أولئك في جل شرائح المجتمع الذين لا يفرقون بين العلاقة بين التربية والتعليم، ومدى تأثير هذه العلاقة على صياغة المنهج. ولا ريب أن مناهجنا في تطور مستمر بفضل الجهود المبذولة في سبيل ذلك، ولكن لم تصل إلى ربط جميع المحاور المبتغاة منه في أفكاره ووسائله. وقبل أن أدخل في إطار موضوعي أرى أن كم الحديث والآراء من غير المتخصصين إنما هو إهدار للوقت والجهد من عامة الناس ومثقفيها، فلو فتح لهؤلاء قناة لعرض آرائهم وأنعم عليهم بالهدوء عند فعل ذلك لكان خيراً. ومن ثَمَّ تفرز هذه الآراء وتحلل من قبل المتخصصين الذين لا يفتقرون إلى بعد النظرة المستقبلية وشمولية المعرفة وثاقبيتها، فقد يحدث بذلك تذكير أو ابتكار قد يُطوِّر ويُقدم.. وهذا ما دعاني لسياق تجربتي في المرحلة الابتدائية فيما يخص مواد اللغة العربية. ولعلي أبدأ بنقطة أولى وهي توازن طرح الموضوعات على الصفوف العليا. فعلى سبيل المثال، في تلك الصفوف نجد أن مادة القواعد غير متوازنة الطرح حيث نجد أن الصف الخامس الابتدائي أشد الفصول صعوبة من خلال عدد الموضوعات وطبيعتها على نقيض منهجي الصف الرابع والسادس. ولعل هروب مدرسي اللغة من هذا الصف تحديدا عند توزيع الجداول في أول العام خير دليل على ذلك. ولست أرى فرقاً عمرياً بين تلك الصفوف يخول الضغط على هذا الصف دون سواه، فلو يستثنى موضوع (علامات التأنيث) ويدرج تحت منهج الصف الرابع لسهولته ويحذف موضوع (المبتدأ والخبر) لأنه قائم في كل موضوع فلا حاجة إليه لكان خيراً للطالب وتخفيفاً للمعلم ليركز على تلك الموضوعات الصعبة. أما النقطة الثانية فتختص بمؤلفات الكتاب، ولا أقصد بذلك الوقوف عند أخطائهن لرفع المضاف إليه وجعله خبرا كما في الصفحة (119) من كتاب قواعد الصف الخامس، إنما أقصد لكون المؤلفات نسوة، فإن الطالب سيرفض الكتاب، حيث إن أسماءهن بلا وجود الجنس الآخر جعل الطلاب يرفضون الكتاب كما حدث مع طلابي، خصوصاً أنهم قد درسوا الكتاب السابق لمدة تجاوزت الأسبوعين، وكانت المقارنة متاحة. وهذا يسوقني إلى جانب آخر وهو تجاهل المشرفين التربويين لهذه النقطة فلم ينتبهوا لها، وإلا لتكلموا عن شيء من التهيئة للطالب قبل الخوض في غمار المنهج الجديد الذي يرفضه، وربط المؤلفات بمعلمات تاريخيات أو صحابيات جليلات أو بقريباتهن والأمهات ليتقبل المنهج ويُزال الحاجز الذي لن يتيح له الاستفادة من الكتاب، هذه فقرة أولى.
أما الثانية فالكتاب بألوانه وطريقة عرضه وأمثلته وأزهاره ووروده يفتقر إلى (الخصوصية). ومن هذا المنطلق فنحن لسنا مجبرين على توحيد الكتاب بين الجنسين. ربما يكون ضرورة ملحة في الدول المجاورة وغيرها من الدول الأخرى المتقدمة والمتأخرة تبعاً للظروف الاجتماعية والقيم والمبادئ وغير ذلك من المسببات.
وقد يكون منظرو هؤلاء ذوي نظرة ثاقبة في أبعاد الخصوصية، ويرون فوائدها ويقف دونهم ودون تبنيها ما يصب عليهم من أعراف وأديان مانعة لإنجاز مقرر دقيق يتعدى المعلومات والأفكار وتحديدها إلى الربط بينها وبين الوسائل المناسبة لكل جنس متلق ذكراً كان أم أنثى. لا نستطيع إنكار فحولة الطالب مهما كان سنه وحبه للخشونة، وكذلك الطالبة على نقيضه، ونحن وإن كنا نرى الدول المتقدمة في تقدمها من خلال الإنتاج والقدرة على الوصول بالمتلقي للعالمية وقدرة التعايش مع الآخر بالإضافة إلى الإنجازات المعقدة في مجالات مختلفة من العلوم الإنسانية، إلا أنه أيضا يفتقر إلى أساليب التربية الأخلاقية، وسوف يعاني المجتمع من المتشبهين والمتشبهات، وسنخلق بذلك مشكلة جديدة، وسوف نبحث عن حلول من جديد ونتأسف على (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت) لا ننسى أن القطاعات العسكرية سوف تستقبل الكثير من الطلاب الذين سيكونون شعراء مرهفي الحس لا جنودا ولا ضباطا.
ومن جهة أخرى، فإن كثرة المناهج ولا سيما في ظل التطور والزيادة فيما يتعلق بعلوم الحاسب واللغات ستزيد كاهل الطالب ثقلا على ثقله، فلو دمجت بعض المواد كمواد الاجتماعيات واختصرت بحيث يكون تاريخ المملكة العربية السعودية مثلا شاملاً لدراسة جغرافية عن المكان وما يخدم الموضوع فقط مراعاة لسن هؤلاء الطلاب، فالغرض الخروج بطالب يحمل مفاتيح العلوم المختلفة والخروج بأكبر كمية من المفاهيم، وتقليص الحفظ والتلقين مع ترك مجال لأسرته ليتعلم من خلالها بعض الأمور الحياتية، فمقدرة تقبل العقل محدودة مهما وصل من الاتساع، فكيف بطالب في هذه السن إلا إذا كنا نريد التلقين والحفظ فحسب؟!

ص ب 27270


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved