إن الثقافة تعتبر - على نحو ما - متفقة بين المجتمعات, وعلى نحو ما مختلفة كذلك،فإذا نظرنا إليها على قدر عال من التجريد، نجد قدراً كبيراً من التشابه بين الثقافات، أو بمعنى آخر إنه الاتفاق في العموميات والاختلاف في التفاصيل،وإذا كانت الثقافة قد حظيت في الماضي باهتمام علماء الانثروبولوجيا، الذين توفروا على دراسة المجتمعات البدائية فإن هذه الظاهرة قد أصبحت موضوعاً للعديد من العلوم الاجتماعية،في مقدمتها علم الاجتماع, نسبة للارتباط بين الثقافة والمجتمع إذ تلعب الثقافة دوراً مهماً في حياة الإنسان بل هي جزء مهم في حياة الإنسان كعضو في المجتمع.
ومن هنا احتلت الثقافة مكاناً بارزاً في دراسات علم الاجتماع والانثربولوجيا الثقافية والاجتماعية. إذ بغير هذه الدراسة لا يستطيع أي باحث أن يتعرف على الفرد أو الجماعة أو المجتمع أو يفرق بينهم.
إن الثقافة بصفة عامة تساعد على التمييز بين فرد وآخر، وبين جماعة وأخرى، وبين مجتمع وآخر.
بل إن الثقافة هي التي تميز الجنس البشري عن غيره من الأجناس، لأن الثقافة هي التي تؤكد الصفة الإنسانية في الجنس البشري.
إزاء هذه الأهمية الاجتماعية والعلمية للثقافة، حاول كثير من علماء الاجتماع منذ القرن الماضي، ومازالوا يحاولون، الوصول إلى تعريف او تحديد لمفهوم الثقافة. وهو أمر ليس باليسير.
وهكذا تزخر مؤلفاتهم بعشرات المفاهيم والتعريفات لمصطلح الثقافة.
ولعل أقدم تعريف للثقافة، وأكثره ذيوعاً حتى الآن لقيمته التاريخية، تعريف إدوارد تاليور، الذي يذهب فيه إلى ان الثقافة هي كل مركب يشتمل على المعارف والمعتقدات والفنون والأخلاق والقانون والعرف، وغير ذلك من الإمكانات أو العادات التي يكتسبها الإنسان باعتباره عضوا في مجتمع.
ومع ذلك يبقى سؤال مهم حول حاجتنا الى فهم أفضل لكلمة الثقافة ومصطلح المثقف، إن المجتمع لا يقوم ولا يبقى إلا بالثقافة.
وإن الثقافة طريق متميز لحياة الجماعة، ونمط متكامل لحياة أفرادها.
|
