بداية لن آتي بجديد عندما أشيد بدقة التنظيم والمتابعة التي حظي بها موسم الحج لهذا العام وكل عام، فمن يعيش الواقع هناك يشعر بمدى الحرص الذي يبذله ولاة الأمر حفظهم الله، ومدى الجهد الذي يؤديه رجال الأمن من أجل راحة الحجيج وأمنهم وخدمتهم، وهذا شيء بديهي وليس بمستغرب على شعب جبل على خدمة ضيوف الرحمن منذ عهود بعيدة.
الحضور المتمكن والمكثف لمندوبي وزارة الحج، كان دليلا كافيا على حسن المتابعة، ليس فقط في ما يخص الأمن والسلامة بل فيما يخص الدقة في تنفيذ كافة التعليمات المتعلقة بحملات الحج، ومطابقة الاشتراطات، حيث حرص المندوبون على معاينة الفرش، ومستوى صحة البيئة داخل كل مخيم، ونوعية الطعام وصحته وتنوعه، وقبول الناس لذلك من خلال توجيه أسئلة لبعض الحجاج، حول مدى رضاهم عن الخدمات المقدمة لهم من صاحب الحملة.
صحيح إن الحملات درجت على خداع الحجاج، والمتاجرة بنقاء سرائرهم في هذا الموسم المبارك، لكن هذا لا ينفي وجود ذوي الضمائر المتيقظة الذين يحرصون على إعطاء الحاج بالقدر الذي يرضيه على الأقل، وهذا ما لمسته أثناء وجودي داخل مخيم مجموعة الجزيرة لخدمة حجاج الداخل حيث تزامن مع وجود لجنة من وزارة الحج لتقصي أوضاع الحجاج والاستفسار عن مستوى الخدمات، والحق يقال إننا وجدنا حجاجا يشيدون بالوضع داخل المخيم، ويشكرون القائمين عليه، ويشعرون بأنهم فعلا نالوا من الخدمات ما يوازي ما دفعوه من مبالغ نظير خدمة الحج. فالمناخ الداخلي كان صحيا بالدرجة التي تناسب ظروف الحج، الوجبات الغذائية كانت مرضية إلى حد كبير، حرص المسؤولين في الحملة على راحة الحجاج كان يعكسه التردد المستمر والسؤال عن طلبات الحجاج، بل وفي اللحظات التي وقعت فيها حادثة جمرة العقبة سارعت إدارة المخيم بجمع الحجاج والتأكد من سلامتهم بطريقة نظامية وسريعة، وبالفعل تم التعرف على حالة جميع أعضاء الحملة . لم يكن هنالك زحام ولا فوضى بل كانت الخدمات على مدار الساعة. القهوة والشاي والمشروبات الباردة، والضيافة بأيدي شباب تعلوهم الابتسامة وكأنهم على متن طائرة. حتى أنني شاهدت صحيفة الجزيرة يتم تداولها بين الحجاج في تلك اللحظات.
ما اود قوله هو:إن الخدمات التي ترضي الله وترضي الحجاج لا تحتاج بطبيعة الحال إلى جهد خارق بل بقليل من صدق النوايا، والقناعة بان القليل المبارك فيه خير من الكثير منزوع البركة، تستطيع أن تنال رضا الله ثم رضاء الذين دفعوا لك أموالهم على أمل أن يجدوا عندك الراحة والاطمئنان والسكينة حتى يؤدوا مناسكهم. إذن ما زالت الدنيا بخير، وما زال أهل الخير كثيرين، وسيظل الذين يراقبون الله ثم يراقبون ضمائرهم أكثر من الذين يتركونها في إجازة مفتوحة، وبرغم أن الذين يتميزون في خدمة منسوبيهم ينطلقون من مبادئ أخلاقية وتربوية، ومن مسؤوليات عظيمة، إلا أن ذلك لا ينفي الدور الكبير الذي تقوم به لجان الحج في التوجيه، والمتابعة وتسجيل المخالفات حفاظا على صحة وأمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام وهذا ديدن المملكة ورجالها في كل عام.
حفظهم الله ومتعهم بتمام الصحة والعافية وأدام خير وأمن هذه البلاد الطاهرة أبداً.
|