* مكة المكرمة - عمار الجبيري:
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبد الله خياط المسلمين بتقوى الله عز وجل وأن يبتغوا إليه الوسيلة بتوحيده وذكره وشكره وحسن عبادته.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها يوم أمس في المسجد الحرام: إن وقفة التوديع مثيرة للأشجان مهيجة للأحزان؛ إذ هي مصاحبة للرحيل مؤذنة بانقضاء، ولقد مضى يا عباد الله من عمر الزمن عام كامل تقلبت فيه أحوال وفنيت أعمار ونزلت بالأمة فيه نوازل تقض لها مضاجع أولي الألباب وتهتز لها أفئدتهم وتدمى منها قلوبهم. وإذا كان ذهاب الليالي والأيام ليس لدى الغافلين غير مضي يوم ومجيء آخر فإنه عند أولي الأبصار باعث حي من بواعث الاعتبار ومصدر متجدد من مصادر العظة يصور ذلك ابلغ بيان من قول أبي الدرداء رضي الله عنه انه قال (يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك).
وحث فضيلته المسلمين أن يقفوا عند وداع العام وقفة مراجعة للذات محاسبة للنفس بالوقوف منها موقف التاجر من تجارته حيث يجعل من نفسه زمنا معلوما ينظر فيه إلى مبلغ ربحه وخسارته باحثا عن الأسباب متأملا في الخطأ والصواب مؤكدا أن سلوك المسلم هذا المسلك الرشيد ليربو في شرف مقاصده ونبل غاياته وسمو أهدافه على ذلك؛ لأنه سعي إلى الحفاظ على المكاسب الحقة التي لا تبور تجارتها من كنوز الأعمال وأرصدة الباقيات الصالحات التي جعل الله لها مكانا عليا ومقاما كريما وفضلها على ما سواها.
وأكد فضيلته أن نهج المراجعة والمحاسبة ليس مختصا بأفراد أو بطائفة من دون الناس بل إن الأمة المسلمة مفتقرة إليه ولا غناء لها عنه وهي تودع عاما منصرما وتستقبل عاما جديدا؛ إذ هي نظرة شاملة للأحداث وتأمل واع للنوازل وتدارس دقيق للعظات والعبر وسعي حثيث من بعد ذلك إلى تصحيح المسار وإقامة العوج لتذليل الطريق إمام استئناف الحياة الإسلامية القويمة المرتكزة على هدي الوحيين.
وقال فضيلته إن وصل ما بين البداية والنهاية بالتقرب إلى ربنا الأعلى بألوان القرب وضروب الطاعات لهو من أعظم أسباب التوفيق وأرجى أبواب القبول فإذا كانت نهاية العام المنصرم حجا وعمرة وصياما ليوم عرفة فإن فرص افتتاح العام الجديد أيضا قائمة متاحة لمن هدي ووفق وأعين، وان من اظهر ذلك صيام شهر الله المحرم؛ فإنه افضل الصيام بعد رمضان، ويكفي انه يشتمل على يوم عاشوراء الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) أخرجه مسلم في صحيحه مبينا انه من السنة أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده، حاثا فضيلته المسلمين على الأخذ من هذا الخير والعمل على استدامة أسبابه وولوج أبوابه.
|