معالي الأخ الحبيب الدكتور حمد المانع، ماذا عساي أن أقول لك عزاءً وتسلية ومواساة في مصابك الجلل. من أين أبدأ وماذا أقدم، كيف لي أن أعزيك في فقدك لوالدك والذي لا يعادل فقده فقد أحد من الأحياء. معالي الوزير هذه الدنيا..{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} .. هذه الدنيا وهذه دورة الحياة.. وتلك الأيام نداولها بين الناس.. طريق نمشيه.. ومقادير نعايشها.. فمن رضي فله الرضى.
والموت باب وكل الناس داخله.. فياليت شعري بعد الموت ما الدار. هذه سنة الحياة.. حياة.. ثم ممات.. ثم بعث ونشور.. فحساب وثواب.
ولو إنا إذا متنا تركنا
لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثنا
ونسأل بعده عن كل شيء |
فإنا لله وإنا إليه راجعون.. واللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها..... هو الدعاء والصبر والاحتساب وهو الركن إن خانتك أركان.
أتهزأ بالدعاء وتزدريه
وما تدري بما فعل الدعاء
سهام الليل لاتخطي ولكن
لها أمد وللأمد انقضاء |
ومهما فعلت معالي الوزير فلن تجازي والدك.. يقول الحبيب المصطفى: (لا يجازي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه).
الله أكبر كأنك لن تجازيه أبداً، هو الذي تعب، وكد، وواصل الليل بالنهار، مرض لتشفى، وجاع لتشبع، وقاوم لترتاح، وفعل وفعل وفعل، كان صدراً رحباً وحنوناً، وكان أخاً رحيماً شفيقاً، إذا ضاقت بك الدنيا واستشرته في أمرك، أعطاك من العبارات مايشرح الصدر ويهون الصعب، كان يقرأ أفكارك ويقول لك بلهجة العامة (في بطنك علم ياحمد)، وكان وكان وكان.
فاجتهد في بره بعد موته، بالصدقة عنه والدعاء له، وصلة الرحم التي لا توصل إلا به، وبر صديقه وهكذا حتى تلاقي الله.
معالي الوزير ليكن لك في مصاب الأمة بفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبرة وتسلية ورضى بقضاء الله وقدره.
قل لنفسك ألم يمت محمد صلى الله عليه وسلم (انك ميت وانهم ميتون) وهكذا نحن.
ألم تقل فاطمة رضي الله عنها لأنس رضي الله عنه بعد أن فرغوا من دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أنس كيف طاوعتكم أيديكم أن تحثوا التراب على رسول الله) فهيجتهم على البكاء.
وهكذا كل الناس.. ونحن منهم سنموت يحثى التراب فوق رؤوسنا، واللقاء عند حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تذكر مصابك في النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بل ومصاب الأمة بفقده، يهون عليك ماحل بك من مصاب.
معالي الدكتور، كم كنت كبيراً في الصلاة وفي العزاء وفي الدفن، ولن أنسى ماحييت نزولك في القبر مع والدك.
وسؤالك لسعد ياسعد كيف السنة في توجهه نحو القبلة وتلك الدموع الحرّى التي ذرفتها.. موقف يأخذ على الرهبة والموعظة والإكبار.
فكن يادكتور حمد.. راضياً بقضاء الله ومسلماً وقل { إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }. وسل نفسك بالصبر والصلاة.
وتذكر مصابنا في النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وانظر أين من سبقنا من الآباء والأجداد.
ورحم الله والدك، وأفسح له في قبره.
|